المبحث الرابع البراءة من المشركين والكافرين

المبحث الرابع

البراءة من المشركين والكافرين

قال تعالى: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (1) فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (2) وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (3) إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (4) فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)} [التوبة:1 - 5]

كَانَتْ هَذِهِ السُورَةُ مِنْ أَوَاخِرِ مَا نَزَلَ مِنَ القُرْآنِ، وَلَمْ يَكْتُبِ الصَحَابَةُ البَسْمَلَةَ فِي أَوَّلِها، اقْتِدَاءً بِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، لأنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ إِنْ كَانَتْ تَابِعَةً لِسُورَةِ الأَنْفَالِ أَوْ أَنَّهَا سُورَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ.

وَأَوَّلُ هَذِهِ السُورَةِ نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لمَّا رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ أَرْسَلَ الرَّسُولُ - صلى الله عليه وسلم - أبَا بَكْرٍ أَمِيراً لِلحَجِّ، وَأتْبَعَهُ بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ لِيَقْرأ عَلَى النَّاسِ سُورَةَ التَّوْبَةِ، وَأَنْ يَطْلُبَ مِنَ المُشْرِكِينَ أَنْ لاَ يَحُجُّوا بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا.

وَيُعلِمُ تَعَالَى المُسْلِمِينَ أَنَّهُ وَرَسُولَهُ بَرِيئَانِ وَمُتَحَرِّرانِ مِنَ العُهُودِ، التِي التَزَمَ بِهَا المُسْلِمُونَ مَعَ المُشْرِكِينَ.

وَالرَّأيُ الرَّاجِحُ أَنَّ هَذِهِ البَرَاءَةَ هِيَ مِنَ العُهُودِ المُطْلَقَةِ غَيْرِ المُوَقَّتَةِ بِمُدَّةٍ مُعَينَةٍ، وَمِنْ عُهُودِ أَهْلِ العُهُودِ الذِينَ ظَاهَرُوا عَلَى الرَّسُولِ، وَنَقَضُوا عَهْدَهُمْ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّتِهِ، لأنَّهُ تَعَالَى قَالَ فِيمَا بَعْدُ، إِنَّ الذِينَ تَقُومُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ المُسْلِمِينَ عُهُودٌ مُوَقَّتَةٌ، ذَاتِ أَجَلٍ مُعَيَّن، يَجِبُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015