يقول الرّاغب: نفى الله تعالى الولاية بين المؤمنين والكافرين في غير آية، من ذلك قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ (المائدة/ 51)،وقال سبحانه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ (الممتحنة/ 1) وجعل سبحانه بين الكافرين والشّياطين موالاة في الدّنيا، ونفى بينهم الموالاة في الآخرة قال سبحانه في الموالاة بينهم في الدّنيا والْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ (التوبة/ 67) وقال سبحانه إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ (الأعراف/ 30) ولمّا جعل بينهم وبين الشّيطان موالاة، جعل للشّيطان في الدّنيا عليهم سلطانا، ومن نفي الموالاة بينهم في الآخرة قوله سبحانه يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً (الدخان/ 41).
مصدر قولهم: برئت منك، وهو مأخوذ من مادّة (ب ر أ) الّتي تدلّ على التّباعد من الشّيء ومزايلته، ومن ذلك: البرء وهو السّلامة من السّقم، والوصف من ذلك: براء على لغة أهل الحجاز وأنا بريء منك على لغة غيرهم وقد جاءت اللّغتان في القرآن الكريم:
قال تعالى: إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (الزخرف/ 26)،وقال تعالى: إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ (الحشر/ 16) ومن قال إنّي براء لم يثنّ ولم يؤنّث، ومن قال: بريء قال (في المؤنّث بريئة) وفي المثنّى بريئان وفي الجمع: بريئون وبرآء وبراء، والبراءة تكون من العيب والمكروه ونحوهما، فقول: برئت منك ومن الدّيون والعيوب براءة وبرئت من المرض برءا، وأهل الحجاز يفتحون الرّاء في الفعل والباء في المصدر فيقولون برأت برءا، وبارأت شريكي إذا فارقته.
وقال الرّاغب: أصل البرء والبراء والتّبرّؤ التّفصّي (التّباعد) ممّا يكره مجاورته، ولذلك قيل: برأت من المرض، ومن فلان وتبرّأت وأبرأته من كذا، وبرأته.
ويقال: براء إذا تخلّص، وبراء إذا تنزّه وتباعد، وبرأ: إذا أعذر وأنذر، ومنه قوله تعالى: بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ (التوبة/ 1) أي إعذار وإنذار، والبراء والبريء سواء.
وليلة البراء: ليلة يتبرّأ القمر من الشّمس وهي أوّل ليلة من الشّهر (?).