وَلاَ أَنَا أَعْبُدُ مِثْلَ عِبَادَتِكُمْ فَلاَ أَسْلُكُهَا، وَلا أَقْتَدِي بِهَا، وَإِنَّمَا أَعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ عَلَى الوَجْهِ الذِي يُحِبُّهُ وَيَرْتَضِيهِ. وَلاَ أَنْتُمْ عَابِدُونَ مِثْلَ عِبَادَتِي، فَعِبَادَتِي خَالِصَةٌ للهِ، وَعِبَادَتُكُمْ يَشُوبُهَا الشِّرْكُ.
لَكُمْ دِينُكُم الذِي اعْتَقَدْتُمُوهُ. وَلَكُمْ جَزَاؤُكُمْ عَلَى أَعْمَالِكُمْ وَلِي إِسْلاَمِي، وَلِي جَزَائِي عَلَى أَعْمَالِي. (?)
حسم الإسلام بآيات القرآن العظيم قضية الإيمان والشرك، بعد أن أوضح الله تعالى الأدلة الدالة على صحة الاعتقاد، من توحيد الله تعالى، والتصديق بأنبيائه ورسله، وبكتبه وملائكته واليوم الآخر، فلم يبق بعدئذ مجال للوثنية أو الشرك، وجاءت سورة «الكافرون» المكية بالإجماع مبرئة من الشرك والنفاق، ومن عمل المشركين، وآمرة بإخلاص العبادة لله تعالى، ...
قل أيها الرسول لقومك القرشيين: يا أيها الكافرون، لا أعبد على الإطلاق ما تعبدون من الأصنام والأوثان، فلست أعبد آلهتكم بأية حال. والآية تشمل كل كافر على وجه الأرض، والبدء بكلمة (قل) لرفع الحرج عن النبي، وبيان أنه مأمور بهذا الكلام، لا من عند نفسه.
لن أفعل في المستقبل ما تطلبونه مني من عبادة آلهتكم، ولا أنتم فاعلون في المستقبل ما أطلب منكم من عبادة إلهي.
لا أعبد أنا عبادتكم، أي لا أسلكها ولا أقتدي بها، وإنما أعبد الله على الوجه الذي يحبه ويرضاه، وأنتم لا تقتدون بأوامر الله وشرعه في عبادته، بل قد اخترعتم شيئا من تلقاء أنفسكم، لأن عبادة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأتباعه المؤمنين برسالته خالصة لله لا شرك فيها ولا غفلة عن الله الإله المعبود بحق. وهم يعبدون الله بما شرعه.
والمشركون يعبدون غير الله عبادة لم يأذن الله بها، فكلها شرك وإشراك، ووسائلها من صنع الهوى والشيطان.