بعمرو، وقد أقبل في إزار ورداء، فجعل عمر يلتفت هل يرى ابنه؟،فإذا هو خلف أبيه، قال:"أين المصري؟ "،قال:"ها أنا ذا"،قال:"دونك الدّرة فاضرب ابن الأكرمين، اضرب ابن الأكرمين".قال فضربه حتى أثخنه، ثم قال: أحلِها5 على صلعة عمرو، فوالله ما ضربك إلا بفضل سلطانه، فقال:"يا أمير المؤمنين، قد ضربت من ضربني"،قال:"أما والله لو ضربته ما حلنا بينك وبينه حتى تكون أنت الذي تدعه، يا عمرو متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟ "،ثم التفت إلى المصري فقال:"انصرف راشداً فإن رابك ريب فاكتب إليّ". (?)

فسمّى عمر الظلم استعباداً، مع أن القبطي لم يكن عبداً ولا رقيقاً، بل كان حراً إلا أن استذلاله وظلمه استعباد معنوي له، فالعرب تسمي كل تذلل وخضوع للغير عبودية، وإن كان الخاضع لغيره حراً في نفسه، إذ هي حرية صورية شكلية، قَالَ سَيْفٌ عَنْ شُيُوخِهِ: وَلَمَّا تَوَاجَهَ الْجَيْشَانِ بَعَثَ رُسْتُمُ إِلَى سَعْدٍ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِ بِرَجُلٍ عَاقِلٍ عَالِمٍ بِمَا أَسْأَلُهُ عَنْهُ. فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ جَعَلَ رُسْتُمُ يَقُولُ لَهُ: إِنَّكُمْ جِيرَانُنَا وَكُنَّا نُحْسِنُ إِلَيْكُمْ وَنَكُفُّ الْأَذَى عَنْكُمْ، فَارْجِعُوا إِلَى بِلَادِكُمْ وَلَا نَمْنَعُ تُجَّارَكُمْ مِنَ الدُّخُولِ إِلَى بِلَادِنَا. فَقَالَ لَهُ الْمُغِيرَةُ: إِنَّا لَيْسَ طَلَبُنَا الدُّنْيَا، وَإِنَّمَا هَمُّنَا وَطَلَبُنَا الْآخِرَةُ، وَقَدْ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا قَالَ لَهُ: إِنِّي قَدْ سَلَّطْتُ هَذِهِ الطَّائِفَةَ عَلَى مَنْ لَمْ يَدِنْ بِدِينِي، فَأَنَا مُنْتَقِمٌ بِهِمْ مِنْهُمْ، وَأَجْعَلُ لَهُمُ الْغَلَبَةَ مَا دَامُوا مُقِرِّينَ بِهِ، وَهُوَ دِينُ الْحَقِّ لَا يَرْغَبُ عَنْهُ أَحَدٌ إِلَّا ذَلَّ، وَلَا يَعْتَصِمُ بِهِ إِلَّا عَزَّ. فَقَالَ لَهُ رُسْتُمُ: فَمَا هُوَ؟ فَقَالَ: أَمَّا عَمُودُهُ الَّذِي لَا يَصْلُحُ شَيْءٌ مِنْهُ إِلَّا بِهِ، فَشَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَالْإِقْرَارُ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. فَقَالَ: مَا أَحْسَنَ هَذَا! وَأَيُّ شَيْءٍ أَيْضًا؟ قَالَ: وَإِخْرَاجُ الْعِبَادِ مِنْ عِبَادَةِ الْعِبَادِ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ. قَالَ: وَحَسَنٌ أَيْضًا، وَأَيُّ شَيْءٍ أَيْضًا؟ قَالَ: وَالنَّاسُ بَنُو آدَمَ، فَهُمْ إِخْوَةٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ. قَالَ: وَحَسَنٌ أَيْضًا، ثُمَّ قَالَ رُسْتُمُ: أَرَأَيْتَ إِنْ دَخَلْنَا فِي دِينِكُمْ، أَتَرْجِعُونَ عَنْ بِلَادِنَا؟ قَالَ: إِي وَاللَّهِ، ثُمَّ لَا نَقْرَبُ بِلَادَكُمْ إِلَّا فِي تِجَارَةٍ أَوْ حَاجَةٍ. قَالَ: وَحَسَنٌ أَيْضًا. قَالَ: وَلَمَّا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015