وعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: «أَعْتَقَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ كُلَّ مُسْلِمٍ مِنْ رَقِيقِ الْمَالِ، وَشَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنَّكُمْ تَخْدُمُونَ الْخَلِيفَةَ بَعْدِي ثَلَاثَ سِنِينَ، وَأَنَّهُ يَصْحَبُكُمْ بِمِثْلِ مَا كُنْتُ أَصْحَبُكُمْ بِهِ، فَابْتَاعَ الْخِيَارَ خَدَمَتُهُ مِنْهُ - أَيْ عُثْمَانَ - الثَّلَاثَ سِنِينَ بِغُلَامِهِ أَبِي فَرْوَةَ» (?)

فكان العرب أول أمة في التاريخ الإنساني تتخلص من الرق بشكل نهائي ومن جميع أشكاله، وتحققت فيهم الحرية بنوعيها: المعنوية، والصورية، ولم يبق فيهم عبد ولا رقيق منذ عهد عمر وإنما بقي الرقيق من غير العرب لكون الأمم الأخرى تسترق أسراها في الحروب، فكان العرب الفاتحون يعاملونهم بالمثل، إذ الاسترقاق أهون من القتل، ومع ذلك جعلت الشريعة تحرير الرقيق عموماً من أفضل القربات وكفارة لبعض المحظورات سواء كان الرقيق مسلمين أو غير مسلمين، بل أمر القرآن بتحريرهم من بيت مال المسلمين، وأوجب على السادة مكاتبة من يريد فداء نفسه منهم ومساعدتهم بالمال كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور:33].

كل ذلك يؤكد مدى عناية الشريعة بحرية الإنسان وتحريره من كل أشكال العبودية لغير الله تحريراً مادياً ومعنوياً، ولهذا قال عمر كلمته الخالدة دفاعا عن قبطي مسيحي ظلمه بعضُ الأمراء:"متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا"

فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:"كنا عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذ جاءه رجل من أهل مصر، فقال:"يا أمير المؤمنين، هذا مقام العائذ بك"،قال:"وما لك؟ "،قال: أجرى عمرو بن العاص بمصر الخيل فأقبلت، فلما ترآها الناس، قام محمّد بن عمرو فقال:"فرسي ورب الكعبة، فلما دنا منه عرفته، فقلت: فرسي ورب الكعبة، فقام إليّ يضربني بالسوط، ويقول:"خذها وأنا ابن الأكرمين".قال: فوالله ما زاده عمر أن قال له:"اجلس، ثم كتب إلى عمرو إذا جاءك كتابي هذا فأقبل، وأقبل معك بابنك محمّد، قال: فدعا عمرو ابنه فقال:"أحدثت حدثاً؟ أجنيت جناية؟ "،قال:"لا"،قال:"فما بال عمر يكتب فيك؟ "،قال: فقدم على عمر، قال أنس: فوالله إنا عند عمر حتى إذا نحن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015