وبهذا نستطيع أن نقول: إن النظام السياسي في الإسلام لم يتّخذ لون الحكم التيقراطي، أي: السلطان الديني الذي عرفته مصر الفرعونية، وأوروبا في العصور الوسطى، ولا لون الحكم الأرستقراطي، أي: سلطة طبقة الأشراف والنبلاء.
لقد كانت حكومة أبي بكر الصديق حكومة شورية، بويع فيها بالانتخاب العام، واستمدّ سلطة الحكم من الذين بايعوه في حدود كتاب الله - تبارك وتعالى - سنّة رسوله - صلوات الله وسلامه عليه -.وهذا الحكم المقيّد خاضع لرقابة المسلمين جميعًا، لكل فرد أن يحاسب القائم بالأمر، وليس لطائفة أن تستأثر بأمور الحكم بما تمتاز به على غيرها من الطوائف.
والباحث في عهد الصديق - رضي الله عنه - يرى أن تصرّفه كان غاية في الحرص على الالتزام بكتاب الله - عز وجل -،والتأسّي برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الرعية، والتنزّه عن كل مطامع الدنيا وزينتها، ثقة منه بأن من ساس أمور الناس، فأفاد لنفسه منها كان ظالماً لنفسه، وللناس جميعًا.
ومثله بقية الخلفاء الراشدين أيضاً
إن انتخاب رؤساء الجمهوريات في العصور الحاضرة ليس بأكثر من بيعة أبي بكر الصديق التي أنشأتها الشورى، والحرية الكاملة المقيّدة، وقد جاء أول خطاب له موطّدًا ومثبتًا أسس وقواعد هذه الشورى."يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قَدْ وُلِّيتُ عَلَيْكُمْ وَلَسْتُ بِخَيْرِكُمْ، فَإِنْ ضَعُفْتُ فَقَوِّمُونِي، وَإِنْ أَحْسَنْتُ فَأَعِينُونِي"
هاتان الفقرتان تدلاّن في إقرار صريح على حقّ الرأي العام في مراقبة الخليفة وإرشاده، وبحق الناس في العصيان إذا عصى القائم أمر الله، وصدف عن أمره، كما تدلاّن على أن الإسلام أخذ بمبادئ الحرية السياسية، بما لم تصل إليه أحدث الديمقراطيات في العصور الحاضرة. (?)
ومن هنا: نستطيع أن نقول: إن شريعة الإسلام قد سبقت كل دعاة الحرية، ووضعت لها ضوابط حامية لها وراعية، فحرية الغرب لم تستطع أن تحمي المجتمع بمن يعيشون فيه من