ولهذا فالحرية الحقيقية والصحيحة هي التي حددها وبينها الخالق سبحانه وتعالى في شرائعه وبواسطة رسله وأنبيائه.

وفي ظل انتشار الجهل بشرع الله ظهرت مناهج أخرى من صنع الإنسان حرفت مفهوم الحرية وأخرجتها عن مسارها الصحيح .. وأصبحت كثير من المجتمعات المسلمة ضحية لهذا الانحراف؛ ولهذا لم تتوقف عن البحث عن الحرية في أكثر من اتجاه .. ولم تستطع الوصول إلى تحقيق الحرية بمعناها الشامل والكامل، فكلما قامت ثورة تطالب بالحرية نقضتها ثورة أخرى تطالب بالحرية أيضاً .. وجُربت أنواع مختلفة من حريات الأمم الأخرى، لكنها كلها لم تثبت صلاحيتها للأمة الإسلامية.

ومن هنا تعددت الأفهام وتناقضت الأحكام بتناقض مصادر الحرية .. وسبب هذا كله هو الجهل بالمفهوم الشرعي الرباني للحرية.

في تقرير سابق تحدثنا عن الفهم الغربي للحرية والانحراف الكبير الذي أصابه حتى وصل إلى مستوى الحيوانات في التعامل مع الحرية.

وفي هذا التقرير سنتحدث عن مفهوم الحرية في الإسلام بصفته الحل لذلك الانحراف أو البديل عنه .. ليس في التقريرين بيان كل شيء، ولكن مساهمة في الوصول إلى الفهم الصحيح لمعاناة المسلمين ولمعرفة علاج ذلك.

الحل في الإسلام:

يقول الدكتور بسطامي محمد سعيد خير: المنهج السليم لرؤية إسلامية صحيحة بلورته القرون الأولى من المسلمين وصنعت به نمط حياة إسلامية وعمراناً وحضارة من نسيج فريد. ويقوم هذا المنهج على تلقى التصورات والقيم والمفاهيم من نصوص القرآن والسنة حسب أصول وطرائق محددة، حتى إذا استقام العقل المسلم واستوى بنيانه العلمي والفكري أخذ بمبدأ الاجتهاد ليوسع دائرة النصوص وتطبيقاتها على جوانب الحياة المتطورة المتغيرة.

وإن كانت هناك حاجة لاستعارة شيء من الثقافات والحضارات الأخرى صهره العقل المسلم صهراً لينفي عنه خبثه والشوائب العالقة به، وصقله صقلاً وصاغه صياغة جديدة؛ فاستقر في موضعه الذي وضع فيه بإحكام كأنه قد تولّد منه ونبت فيه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015