المبحث الأول مفهوم الحرية في الإسلام

المبحث الأول

مفهوم الحرية في الإسلام

الحرية في الإسلام .. صلاح وإصلاح:

"الحكم على الشيء فرع عن تصوره"،قاعدة عقلية قديمة تشير إلى أن الحكم على أي شيء لا بد أن يسبقه تصور ومعرفة عن هذا الشيء .. ومن خلال ما يصل إليه الإنسان من هذا التصور أو المعرفة يتحدد نوع الحكم الذي سيصدره إيجابياً كان أو سلبياً ..

ولكل معرفة شروطها ووسائلها وطرقها التي تؤدي إلى بناء تصور ورؤية وفهم حول هذا الشيء أو ذاك.

ويكون مستوى الفهم مرتبط بمقدار توفر شروط المعرفة ووسائلها، وانتفاء الموانع والعوائق العقلية والنفسية والعملية ..

وهذا ما ينطبق على مسألة (الحرية) ولوازمها كالعدل والمساواة .. فالحرية حاجة وضرورة حياتية، لكن هذا لا يكفي لبناء تصور معرفي حولها؛ فالحيوانات تحتاج للحرية وتشعر بها إلا أن افتقارها لأدوات المعرفة جعلها لا تدرك معناها، ولا تحتاج لذلك الإدراك؛ لأن طبيعة حياتها لا تستدعي ذلك.

ولكن الوضع يختلف عند الإنسان الذي يحتاج إلى الحرية ويحتاج إلى معرفتها، ولديه كافة وسائله وإمكانياته اللازمة لذلك. وهناك مصدران لفهم الحرية: الإنسان وخالقه.

وبما أن الإنسان ذو رغبات متصادمة وعقول متفاوتة ومشاعر مختلفة؛ فإن فهمه للحرية سيكون متناقضاً بتناقض تلك الرغبات والمشاعر والعقول، وبتناقض المجتمعات البشرية؛ وبالتالي لن تحصل حرية شاملة وصالحة للبشرية جمعاء.

وبما أن الله سبحانه وتعالى هو خالق الإنسان وخالق كل شيء في هذا الكون، فإنه أعلم بشؤون خلقه وحاجاتهم؛ ومن أجل هذا وضع سننه الكونية والشرعية لضبط مسار الحياة في هذا الكون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015