وعَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَكْتُبُ إِلَى عُمَّالِهِ أَنْ يُوَافُوهُ بِالْمَوْسِمِ فَوَافَوْهُ، فَقَامَ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي اسْتَعْمَلْتُ عَلَيْكُمْ عُمَّالِي هَؤُلَاءِ، وَلَمْ أَسْتَعْمِلْهُمْ لِيُصِيبُوا مِنْ أَبْشَارِكُمْ، وَلَا مِنْ أَمْوَالِكُمْ وَلَا مِنْ أَعْرَاضِكُمْ، وَلَكِنِ اسْتَعْمَلْتُهُمْ لِيَحْجِزُوا بَيْنَكُمْ أَوْ يَرُدُّوا عَلَيْكُمْ فَيْئَكُمْ، فَمَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْهُمْ فَلْيَقُمْ، فَمَا قَامَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ يَوْمَئِذٍ إِلَّا فُلَانٌ قَامَ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ عَامِلَكَ فُلَانًا ضَرَبَنِي مِائَةَ سَوْطٍ فَقَالَ: يُضْرَبُ مِائَةً فَاسْتَقِدْ مِنْهُ، فَقَامَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّكَ مَتَى تَفْتَحْ هَذَا عَلَى عُمَّالِكَ تُكْثِرْ عَلَيْهِمْ، وَتَكُونُ سُنَّةً يَأْخُذُ بِهَا مَنْ بَعْدَكَ، فَقَالَ: أَنَا لَا أُقِيدُ مِنْهُ، وَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يُقِيدُ مِنْ نَفْسِهِ، فَقَالَ: دَعْنَا إِذَنْ نُرْضِيهِ، قَالَ: أَرْضُوهُ، قَالَ: فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ، فَكَانَ كُلُّ سَوْطٍ بِدِينَارَيْنِ " (?)

وَأَرْسَلَ عمر رضي الله عنه إِلَى سَعْدٍ فَأَمَّرَهُ عَلَى الْعِرَاقِ وَأَوْصَاهُ فَقَالَ: يَا سَعْدَ بن وُهَيْبٍ (4) لَا يَغُرَّنَّكَ مِنَ اللَّهِ إِنْ قِيلَ خَالُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَصَاحِبُهُ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمْحُو السَّيِّئَ بِالسَّيِّئِ، وَلَكِنْ يَمْحُو السَّيِّئَ بِالْحَسَنِ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدٍ نَسَبٌ إِلَّا بِطَاعَتِهِ، فَالنَّاسُ شَرِيفُهُمْ وَوَضِيعُهُمْ فِي ذَاتِ اللَّهِ سَوَاءٌ، اللَّهُ رَبُّهُمْ وَهُمْ عِبَادُهُ، يَتَفَاضَلُونَ بِالْعَافِيَةِ وَيُدْرِكُونَ مَا عِنْدَ اللَّهِ بِالطَّاعَةِ، فَانْظُرِ الْأَمْرَ الَّذِي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُنْذُ بعث إلى أن فارقنا عليه فَالْزَمْهُ، فَإِنَّهُ الْأَمْرُ. هَذِهِ عِظَتِي إِيَّاكَ، إِنْ تَرَكْتَهَا وَرَغِبْتَ عَنْهَا حَبِطَ عَمَلُكَ وَكُنْتَ مِنَ الْخَاسِرِينَ. (?)

وحول المساواة في تولي الوظائف العامة يقول حسين حسان: إن الإسلام عرف هذا المبدأ وطبقه أتباعه قبل أن تعرفه النظم الإدارية الوضعية بما يزيد على ألف عام، فلم يكن لهذا المبدأ وجود في النظم السابقة على الإسلام ولا المعاصرة له، فقد كانت هذه النظم تقصر حق تولي الوظائف العامة على طبقة معينة من طبقات الشعب نظرا لمركزها الاجتماعي أو قدرتها المالية، أو لأصلها أو جنسها أو لونها ولا زالت هذه التفرقة موجودة حتى اليوم في أعرق الدول حضارة على حد زعمها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015