ولقد حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على تطبيق مبدأ المساواة أمام الشريعة، وعدم التمييز بين الناس، فعَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّتْهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -،فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، حُبُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -،فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ»،ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، فَقَالَ: «إِنَّمَا هَلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ، أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا» (?)

وحول قصة جبلة بن الأيهم يقول حسين حسان: إنها لا زالت تقرع آذان الذين يتشدقون بأن أوروبا صاحبة الفضل في تقرير مبدأ المساواة، فقد داس أعرابي على إزاره، وهما يطوفان بالكعبة فلطمه جبلة، فشكاه الأعرابي إلى عمر بن الخطاب، فأمر بالقصاص، وعز على جبلة وهو شريف أن يقتص منه الأعرابي، فهرب ولحق بأرض الروم وتنصر ثم أدركه الندم فقال مقالته المشهورة:

تنصرت الأشراف من عار لطمة ... وما كان فيها لو صبرت لها ضرر

وعَنِ الْحَسَنِ , أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ خَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ أَكْيَسَ الْكَيْسِ التَّقْوَى، وَأَحْمَقَ الْحُمْقِ الْفُجُورُ , أَلَا وَإِنَّ الصِّدْقَ عِنْدِي الْأَمَانَةُ، وَالْكَذِبَ الْخِيَانَةُ , أَلَا وَإِنَّ الْقَوِيَّ عِنْدِي ضَعِيفٌ حَتَّى آخُذَ مِنْهُ الْحَقَّ، وَالضَّعِيفَ عِنْدِي قَوِيٌّ حَتَّى آخُذَ لَهُ الْحَقَّ , أَلَا وَإِنِّي قَدْ وُلِّيتُ عَلَيْكُمْ وَلَسْتُ بِأَخْيَرِكُمْ " (?)

وعَنْ أَبِي فِرَاسٍ، قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: " أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي لَمْ أَبْعَثْ إِلَيْكُمْ عُمَّالِي لِيَضْرِبُوا أَبْشَارَكُمْ، وَلَا لِيَأْخُذُوا أَمْوَالَكُمْ، وَلَكِنْ بَعَثْتُهُمْ لِيُعَلِّمُوكُمْ دِينَكُمْ وَسُنَّتَكُمْ، فَمَنْ فُعِلَ بِهِ غَيْرُ ذَلِكَ فَلْيَرْفَعْهُ إِلِيَّ فَأَقُصَّهُ مِنْهُ، أَلَا لَا تَضْرِبُوا الْمُسْلِمِينَ فَتُذِلُّوهُمْ وَلَا تَمْنَعُوهُمْ فَتُكْفِرُوهُمْ، وَلَا تُجَمِّرُوهُمْ فَتَفْتِنُوهُمْ، وَلَا تُنْزِلُوهُمُ الْغِيَاضَ فَتُضَيِّعُوهُمْ " (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015