2 - من قيدوها ببعض قيودها، لكنهم أهملوا قيوداً أخرى، فأدى ذلك إلى إباحة شيء من الرأي المحرم، وهذا خطأ.
3 - من قيدوها بقيود شرعية كلية كالتقييد بعدم مخالفة الشريعة، وبعض التفصيلية كالمنع من السب والشتم ونحو ذلك، وكانت تكفيهم القيود الكلية عن التفصيلية.
4 - من اقتصروا في تقييدها على القيود الكلية، وهؤلاء -وإن أراحوا أنفسهم من تبعة التفصيل في الرأي المباح والرأي المحرم- فإنهم قد أتوا من حيث لا يشعرون على أصل القضية التي دعوا إليها بالإبطال؛ لما سبق تقريره من أن الأصل في الإسلام منع الرأي إلا ما كان منه خيراً، والخير من الآراء أقل من الشر.
ويبدو لي أن سبب هذا الاضطراب الكبير في ضبط الرأي وتقييده بين الكتاب المسلمين أنهم وافقوا على حرية الرأي - وهي مصطلح حادث منقول عن الكفار - وحشدوا ما يرونه يدعمها من أدلة الشريعة، ثم اصطدموا بكثرة ما فيها مما يخالف الشريعة، وتورطوا باللوازم التي تلزم لتقريرها، فراحوا يبحثون عن قيود شرعية تقيدها، فوقعوا في هذا الاضطراب الكبير.
وكان من الأسهل عليهم قلب القضية بمنع الرأي إلا ما أذنت به الشريعة، ولو أنهم فعلوا ذلك لأراحوا واستراحوا.
والعجيب أن من قرروا حرية الرأي من الكتاب المسلمين قد شنوا حملة شعواء على التقليد بلغت في كثير من الأحيان حد التطرف؛ إذ انتقدوا التقليد بكل أشكاله، حتى التقليد في فيما هو حق مع أن الشريعة أمرت به وأثنت على من فعله، وحشدوا الأدلة لذلك، ودعوا بقوة إلى إعمال العقل مستدلين بكم هائل من الآيات والأحاديث على ذلك، لكن المؤسف أنهم خالفوا ما يقولون، ووقعوا من حيث لا يشعرون في تقليد الغربيين والعلمانيين العرب في تقريرهم لحرية الرأي دون نقد ولا تمحيص، مما أوقعهم في اضطراب كبير في ضبط الرأي وتقييده، كما أنهم قلبوا هذه القضية رأساً على عقب.
ومن تأمل مقام العبودية لله - تعالى -علم أن المؤمن متعبد لله - تعالى -في أقواله وأفعاله وشئونه كلها، والعبودية قيد تقيد صاحبها بعمل ما يرضي الله - تعالى -ومجانبة ما