مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [آل عمران:103]، {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:92]،يا لها من نشوة لا يشعر بها إلا شعب مصر وتونس، ونقول هذا الشعور هو الذي نشارككم فيه ونشعر بنشوة ولذة ولكن ليست مثلكم وأنتم في الميدان.
سادساً: كم هي سعادة ونشوة المظلومين الذي انتهكت أعراضهم، والذين أخذت أموالهم، والذين سجنوا بغير حق، والذين عذبوا أو عاشوا عيشة الذل والهوان، كم هي فرحة أولئك وهم يرون فلول الأمن الباطش الظالم وهي تفر وتغادر وتختبئ كالجرذان، تلك القوات التي طالما ضربت وأهانت وإذا بها تضرب وتهان وتطرد، كم هو الشعور بالنشوة واللذة حينما يأتي وقت القصاص وتسكن تلك النفوس الملتهبة .. فاللهم فرج ويسر وانصر كل مظلوم ومقهور.
إذن فالسخط الشعبي ليس هو نابع عموما من الكره للنظام أو حبنا للعشوائية، وإنما هو نتيجة الإحساس بمرارة الظلم وقسوة المحاباة .. الإحساس بأننا مواطنون من الدرجة الخامسة في آخر السلم الاجتماعي، يحصلون على حقوقهم هذا إن حصلوا عليها- بشق الأنفس، والالتزام باللوائح سيف مسلط على رقابهم دون غيرهم، وعقوبات القانون لهم وحدهم.
وهذه هي المعادلة الصعبة التي استطاعت الدول المحترمة حلها .. معادلة السواسية والشفافية، ونبذ احتكار طبقة معينة لكل المميزات والتسهيلات.
وهذا هو سر التقدم وجوهر الرقي في كل عصر ومصر.
إنها معادلة قدمها الإسلام من أكثر من ألف وأربعمائة عام عندما قال الله - تعالى -: (لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً) [النساء:123]
عَنْ قَتَادَةَ , قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ الْمُسْلِمِينَ , وَأَهْلُ الْكِتَابِ افْتَخَرُوا , فَقَالَ أَهْلُ الْكِتَابِ: نَبِيُّنَا قَبْلَ نَبِيِّكُمْ , وَكِتَابُنَا قَبْلَ كِتَابِكُمْ , وَنَحْنُ أَوْلَى بِاللَّهِ مِنْكُمْ. وَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: نَحْنُ أَوْلَى بِاللَّهِ مِنْكُمْ , نَبِيُّنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ , وَكِتَابُنَا يَقْضِي عَلَى الْكُتُبِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَهُ. فَأَنْزَلَ