مفرق الطريق بين طاعة ورسوله وبين معصيتهما

إن حقيقة التوحيد تستلزم مصداقا لها في واقع الحياة البشرية، هو الذي يقرره الشطر الثاني من هذا الدرس.

ومن ثم يبدأ بإعادة تقرير الحقيقة الأولى ليرتب عليها آثارها الملازمة لها .. يبدأ بشهادة اللّه - سبحانه - «وأنه لا إله إلا هو» وشهادة الملائكة وأولي العلم بهذه الحقيقة. ويقرر معها صفة اللّه المتعلقة بالقوامة، وهي قيامه بالقسط في أمر الناس وفي أمر الكون.

وما دام اللّه متفردا بالألوهية وبالقوامة فإن أول مستلزمات الإقرار بهذه الحقيقة، هو الإقرار بالعبودية للّه وحده وتحكيمه في شأن العبيد كله واستسلام العبيد لإلههم، وطاعتهم للقيوم عليهم، واتباعهم لكتابه ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -.

ويضمن هذه الحقيقة قوله تعالى: «إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ» .. فهو لا يقبل دينا سواه من أحد .. الإسلام الذي هو الاستسلام والطاعة والاتباع .. وإذن فليس الدين الذي يقبله اللّه من الناس هو مجرد تصور في العقل ولا مجرد تصديق في القلب. إنما هو القيام بحق هذا التصديق وذلك التصور .. هو تحكيم منهج اللّه في أمر العباد كله، وطاعتهم لما يحكم به، واتباعهم لرسوله في منهجه.

وهكذا .. يعجب من أهل الكتاب ويشهر بأمرهم .. إذ يدّعون أنهم على دين اللّه. ثم «يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ»!!!

مما ينقض دعوى التدين من الأساس. فلا دين يقبله اللّه إلا الإسلام. ولا إسلام بغير استسلام للّه وطاعة لرسوله، واتباع لمنهجه، وتحكيم لكتابه في أمور الحياة ..

ويكشف عن علة هذا الإعراض - الذي هو التعبير الواقعي عن عدم الإيمان بدين اللّه - فإذا هي عدم الاعتقاد بجدية «القسط» في الجزاء يوم الحساب: «ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا: لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ» .. معتمدين على أنهم أهل كتاب «وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ» .. وهو غرور خادع. فما هم بأهل كتاب، وما هم بمؤمنين أصلا. وما هم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015