التطور الحيواني لأنه غير مزود بتلك الخصائص. ومن ثم فإنه لا يمكن أن يتجاوز الحيوان مرتبته الحيوانية، فيتطور إلى مرتبة الإنسان تطورا آليا - كما تقول النظريات المادية - فهما نوعان مختلفان. اختلفا بتلك النفخة الإلهية التي بها صارت سلالة الطين إنسانا. واختلفا بعد ذلك بتلك الخصائص المعينة الناشئة من تلك النفخة والتي ينشأ بها الجنين الإنساني «خَلْقاً آخَرَ».إنما الإنسان والحيوان يتشابهان في التكوين الحيواني ثم يبقى الحيوان حيوانا في مكانه لا يتعداه. ويتحول الإنسان خلقا آخر قابلا لما هو مهيأ له من الكمال. بواسطة خصائص مميزة، وهبها له اللّه عن تدبير مقصود لا عن طريق تطور آلي من نوع الحيوان إلى نوع الإنسان (?).

«فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ» .. وليس هناك من يخلق سوى اللّه. فأحسن هنا ليست للتفضيل، إنما هي للحسن المطلق في خلق اللّه.

«فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ» .. الذي أودع فطرة الإنسان تلك القدرة على السير في هذه الأطوار، وفق السنة التي لا تتبدل ولا تنحرف ولا تتخلف، حتى تبلغ بالإنسان ما هو مقدر له من مراتب الكمال الإنساني، على أدق ما يكون النظام!

وإن الناس ليقفون دهشين أمام ما يسمونه «معجزات العلم» حين يصنع الإنسان جهازا يتبع طريقا خاصا في تحركه، دون تدخل مباشر من الإنسان .. فأين هذا من سير الجنين في مراحله تلك وأطواره وتحولاته، وبين كل مرحلة ومرحلة فوارق هائلة في طبيعتها. وتحولات كاملة في ماهيتها؟ غير أن البشر يمرون على هذه الخوارق مغمضي العيون، مغلقي القلوب، لأن طول الألفة أنساهم أمرها الخارق العجيب .. وإن مجرد التفكر في أن الإنسان - هذا الكائن المعقد - كله ملخص وكامن بجميع خصائصه وسماته وشياته في تلك النقطة الصغيرة التي لا تراها العين المجردة وإن تلك الخصائص

طور بواسطة نورين ميديا © 2015