والنقص والهوى! ويقعون في عبودية «الحتميات» التي يقال لهم: إنه لا قبل لهم بها، وإنه لا بد من أن يخضعوا لها ولا يناقشوها .. «حتمية التاريخ» .. و «حتمية الاقتصاد» .. و «حتمية التطور» وسائر الحتميات المادية التي تمرغ جبين «الإنسان» في الرغام وهو لا يملك أن يرفعه، ولا أن يناقش - في عبوديته البائسة الذليلة - هذه الحتميات الجبارة المذلة المخيفة! (?)
وقال تعالى: «لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ - وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ - وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً. فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً، وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً».
لقد عني الإسلام عناية بالغة بتقرير حقيقة وحدانية اللّه سبحانه وحدانية لا تتبلس بشبهة شرك أو مشابهة في صورة من الصور وعني بتقرير أن اللّه - سبحانه - ليس كمثله شيء. فلا يشترك معه شيء في ماهية ولا صفة ولا خاصية. كما عني بتقرير حقيقة الصلة بين اللّه - سبحانه - وكل شيء (بما في ذلك كل حي) وهي أنها صلة ألوهية وعبودية. ألوهية اللّه، وعبودية كل شيء للّه .. والمتتبع للقرآن كله يجد العناية فيه بالغة بتقرير هذه الحقائق - أو هذه الحقيقة الواحدة بجوانبها هذه - بحيث لا تدع في النفس ظلا من شك أو شبهة أو غموض.
ولقد عني الإسلام كذلك بأن يقرر أن هذه هي الحقيقة التي جاء بها الرسل أجمعون. فقررها في سيرة كل رسول، وفي دعوة كل رسول وجعلها محور الرسالة من عهد نوح عليه السلام، إلى عهد محمد خاتم النبيين - عليه الصلاة والسلام - تتكرر الدعوة بها على لسان كل رسول: «يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ» ..
وكان من العجيب أن أتباع الديانات السماوية - وهي حاسمة وصارمة في تقرير هذه الحقيقة - يكون منهم من يحرف هذه الحقيقة وينسب للّه - سبحانه - البنين والبنات