بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فإنَّ كنوز القرآن الكريم لا تنفد، وعطاؤه لا ينتهي، فهو مفرق الطريق بين الحق والباطل، وبين الإنسان الملتزم به وبين الإنسان المتبع لهواه، بين من يعيش بين جدران الجسد والحياة المادية كما تعيش الأنعام، وبين الإنسان الذي يعيش في الدنيا وهو يتطلع إلى الآخرة، بين العدل والظلم، بين الحياة الحقيقية وبين حياة بقية المخلوقات، بين السعادة والشقاء، بين من يجاهد لإعلاء كلمة الله وبين من يجاهد لإعلاء كلمة الشيطان، بين من ينتصر للحق وبين من يدافع عن الباطل، بين الثبات والخور، بين من يعمر حياته بالخير وبين من يعمر حياته بالشر، بين من يشري نفسه لله وبين من يشريها لغيره، بين من يحمل همَّ الأمة، وبين من لا يحمل إلا همَّ نفسه، بين الصبر والضجر، بين العمل والكسل، بين الارتقاء وبين الهبوط، بين من يمشي على على صراط مستقيم وبين من يمشي مكبا على وجهه ....

قال تعالى: {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الملك:22]

وَهَذَا مَثَلٌ يَضْرِبُهُ اللهُ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِ وَالكَافِرِ، فَالكَافِرُ مَثَلُهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ كَمَثَلِ مَنْ يَمْشِي مُنْحَنِياً يَتَعَثَّرُ فِي طَرِيقِهِ، وَيَخِرُّ عَلَى وَجْهِهِ فِي كُلِّ خُطْوَةٍ لِتَوْعُّرِ طَرِيقِهِ، لاَ يَعْرِفُ أَيْنَ يَسْلُكُ، وَلاَ كَيْفَ يَذْهَبُ، وَالمُؤْمِنُ مَثَلُهُ كَمَثَلِ مَنْ يَمْشِي مُنْتَصِبَ القَامَةِ، مُسْتَوِياً، فَهُوَ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ مَسْلَكِهِ، وَعَلَى هُدًى مِنْ طَرِيقِهِ، فَكَمَا أَنَّهُ لاَ يَسْتَوِي الذِي يَسِيرُ مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ، مَعَ مَنْ يَسِيرُ مُنْتَصِبَ القَامَةِ، كَذَلِكَ لاَ يَسْتَوِي المُؤْمِنُ، الذِي يَكُونُ عَلَى هُدًى وَبَصِيرَةٍ وَبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ، مَعَ الكَافِرِ، الذِي ضَلَّ طَرِيقَ الهُدَى وَالرَّشَادِ (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015