ويشرع ممثلو جميع الطبقات وجميع القطاعات في الأمة لأنفسهم فإذا هي جاهلية .. لأن أهواء الناس الذين لا يتجردون أبدا من الأهواء، ولأن جهل الناس الذين لا يتجردون أبدا من الجهل، هو القانون - أو لأن رأي الشعب هو القانون - فلا فرق إلا في العبارات! وتشرع مجموعة من الأمم للبشرية فإذا هي جاهلية. لأن أهدافها القومية هي القانون - أو رأي المجامع الدولية هو القانون - فلا فرق إلا في العبارات! ويشرع خالق الأفراد، وخالق الجماعات، وخالق الأمم والأجيال، للجميع، فإذا هي شريعة اللّه التي لا محاباة فيها لأحد على حساب أحد. لا لفرد ولا لجماعة ولا لدولة، ولا لجيل من الأجيال. لأن اللّه رب الجميع والكل لديه سواء. ولأن اللّه يعلم حقيقة الجميع ومصلحة الجميع، فلا يفوته - سبحانه - أن يرعى مصالحهم وحاجاتهم بدون تفريط ولا إفراط.

ويشرع غير اللّه للناس .. فإذا هم عبيد من يشرع لهم. كائنا من كان. فردا أو طبقة أو أمة أو مجموعة من الأمم .. ويشرع اللّه للناس .. فإذا هم كلهم أحرار متساوون، لا يحنون جباههم إلا للّه، ولا يعبدون إلا اللّه.

ومن هنا خطورة هذه القضية في حياة بني الإنسان، وفي نظام الكون كله: «وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ» .. فالحكم بغير ما أنزل اللّه معناه الشر والفساد والخروج في النهاية عن نطاق الإيمان .. بنص القرآن (?) ..

وقال تعالى: «وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ، مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ، فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ، وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ. لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً. وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً. وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ، فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ. إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً، فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ. وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ، وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ. وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ. فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ، وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ. أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ؟ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ .. »

طور بواسطة نورين ميديا © 2015