أفضل طيبات الحياة: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (75)} [النساء:75] ..
ويستتبع هذا الأمر حملة ضخمة للحض على الجهاد بالنفس والمال، والتنديد بالمعوقين والمبطئين والقاعدين.وهي حملة تستغرق قطاعا كبيرا من السورة، يرتفع عندها نبض السورة الهادئة الأنفاس! ويشتد إيقاعها، وتحمى لذعاتها في التوجيه والتنديد! (?)
وقال تعالى: «رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ» .. لما ذا؟
«رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ» .. فهذا هو الذي من أجله أسكنهم هناك، وهذا هو الذي من أجله يحتملون الجدب والحرمان. «فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ» .. وفي التعبير رقة ورفرفة، تصور القلوب رفافة مجنحة، وهي تهوي إلى ذلك البيت وأهله في ذلك الوادي الجديب. إنه تعبير نديّ يندّي الجدب برقة القلوب .. «وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ» .. عن طريق تلك القلوب التي ترف عليهم من كل فج .. لماذا؟ أليأكلوا ويطعموا ويستمتعوا؟ نعم! ولكن لينشأ عن ذلك ما يرجوه إبراهيم الشكور: «لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ» .. وهكذا يبرز السياق هدف السكنى بجوار البيت الحرام .. إنه إقامة الصلاة على أصولها كاملة للّه. ويبرز هدف الدعاء برفرفة القلوب وهويّها إلى أهل البيت ورزقهم من ثمرات الأرض .. إنه شكر اللّه المنعم الوهاب.
وفي ظل هذا الدعاء تبدو المفارقة واضحة في موقف قريش جيرة البيت المحرم .. فلا صلاة قائمة للّه، ولا شكر بعد استجابة الدعاء، وهويّ القلوب والثمرات! (?)
وقال تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ} [هود:17] ..