وأما الرواية بجهل جِلَّة الصحابة رضي الله عنهم بمعنى بعض الألفاظ فلا نثِق بصحتها (?)، لكونها خلافَ صريحِ العقل وتصريح القرآن، كما قال تعالى:
{وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} (?).
{فُصِّلَتْ آيَاتُهُ} معناه هاهنا: وُضِّحت، فإن هذا كان اعتراضهم. وأما كونها تفصيلاً لإجمالٍ فذلك لا قدح فيه. قال تعالى:
{كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} (?).
وقوله: {أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} أي بعيد عن العقل أن يأتي الرسول بكلام لا يفهمه قومه. فأيّ فائدة لهذا الكلام؟ ولذلك قال تعالى:
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} (?).
........................
روَوا أنّ أبا بكر رضي الله عنه لم يَعلم معنى {وأبَّاً} (?)، أفأظهر عدم علمه بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ وأن عمر رضي الله عنه بقي في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - غيرَ عالم بمعنى {تَخَوُّفٍ} (?). هيهات! كانت السورتان تقرآن كثيراً، وهم في صحبة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يسألوه، ولا سمعوا أحداً يسأله!