فدخل إليه الوزير شرف الدين على بن طراد الزينبى (?) وكمال الدين (?) صاحب المخزن (?)، وأنا معهما، وكان المسترشد قد طرد نواب السلطان عن البلاد، ورتّب صاحب المخزن للنظر في المظالم (?)، فقال له الوزير شرف الدين: «يا مولانا، في نفس المملوك [34] شئ، فهل يؤذن له في المقال؟» فقال: «قل»، فقال: «إلى أين نمضى وبمن نعتضد وإلى من نلتجئ ومقامنا ببغداد أمكن لنا، ولا يقصدنا أحد، والعراق ففيه لنا الكفاية، فإن الحسين بن على - عليهما السلام - لما خرج إلى العراق جرى عليه ما جرى، ولو أقام بمكة ما اختلف عليه أحد من الناس؟».
فقال لى الخليفة: «ما تقول يا كاتب؟» فقلت: «يا مولانا، الصواب المقام، وما رآه الوزير فهو الرأى، ولا يقدم علينا أحد، وليت العراق يبقى لنا».
فقال لصاحب المخزن: «يا وكيل، ما تقول؟» فقال: «في نفسى ما في نفس مولانا». فأنشد الخليفة قول المتنبى:
وإذا لم يكن من الموت بد ... فمن العجز أن تموت جبانا
ثم إنه تجهّز وجمع وحصل في خدمته جماعة من أمراء الأتراك، فأعطاهم مالا عظيما، ثم خرج، وخرجنا معه، فلما قاربنا همذان، وقع المصاف بين الخليفة