ابن عبد الله بن الشهرزورى رسولا إلى الديوان العزيز، وبعث معه عدد والده وملابسه وخيله، وأضاف إلى ذلك من الهدايا النفيسة ما عزّ وجوده وقوّم بآلاف، وأضاف إلى ذلك أنواعا من الطيب والألطاف، ونساء بارعات في الحسن من السّبى (?).
وكان القاضى بهاء الدين بن شداد - رحمه الله - لما توفى السلطان بدمشق كما ذكرنا، فلما توفى السلطان اعتمد عليه الملك الأفضل غاية الاعتماد واحترمه غاية الاحترام، وكان يشاوره في جليل الأمور ودقيقها. فورد (3 ا) كتاب الملك الظاهر - صاحب حلب - إلى أخيه الملك الأفضل يرغب إليه في أن يتحفه بالقاضى بهاء الدين ليكون عنده ويتيمن برأيه، فأجابه الملك الأفضل إلى ذلك وسيّره إليه، فوصل القاضى بهاء الدين إلى حلب، فأعظمه الملك الظاهر وفوّض إليه قضاء بلاده، وصار أقرب الناس إليه منزلة، ولم تزل منزلته عنده عظيمة وله الإقطاع الجليل والحرمة التي لم يصل إليها أحد من المعممين، إلى أن توفى الملك الظاهر - رحمه الله - وولى ولده الملك العزيز، وقام بأتابكيته الأتابك شهاب الدين طغريل الخادم، فازدادت منزلة القاضى بهاء الدين علوا وعظمة، وكان الملك العزيز ينزل بنفسه إليه في كل وقت، ويأخذ رأيه في المهمات العظيمة، ولم تزل له هذه المنزلة العظيمة، إلى أن توفى في أيام الملك العزيز - رحمه الله - وقد أناف على التسعين سنة.