أولاده الثلاثة: الكامل والمعظم والأشرف، قبل وفاته، وظل الملك في مصر - على الأقل - وراثيا في عقبه إلى أن انتهت الدولة.
وقد شرح ابن واصل في هذا الجزء الصراع العنيف الذى قام بين أولاد صلاح الدين شرحا وافيا مستفيضا، وكشف القناع عن الأدوار التي لعبتها القوى الكبرى التي شاركت في هذا الصراع، فقد كان هناك صراع خفى بين أنواع من القوى، بين الأمراء الأسدية والأمراء الصلاحية، وبين الأكراد والأتراك، ووسط هذه اللجة المصطخبة من النزاع كنا نرى أيدى كبار القواد ورجال الدولة الذين عملوا مع صلاح الدين تلعب تارة في الخفاء وتارة في العلانية، فتعمل مرة على إخماد نار الفتنة، وتعمل مرة أخرى على إشعال نيرانها وتوسيع شقة الخلاف، وقد جرت عادة المؤرخين الذين أرخوا لهذه الفترة أن يرصدوا حركات أولاد صلاح الدين وعمهم العادل، ولكن القارىء لهذا الجزء من مفرج الكروب يدرك أنه لكى يفهم أسباب هذا النزاع وأحداثه لا يمكن أن يغفل الأدوار التي لعبها الأمراء الصلاحية من أمثال: فخر الدين جهاركس، وفارس الدين ميمون القصرى، وشمس الدين سنقر الكبير، وصارم الدين قايماز النجمى، وحسام الدين أبو الهيجا السمين، وبهاء قراقوش، والقاضى الفاضل عبد الرحيم بن على البيسانى. . الخ.
فتاريخ بنى أيوب - فيما أرى - لا يمكن أن يفهم فهما صحيحا إذا نحن قصرنا دراستنا على ملوك بنى أيوب وأعمالهم، بل أصبح من الواجب أن ندرس موقف القوى الحربية التي كانت تكون الجيش الأيوبى من أكراد وأتراك وخوارزمية وعربية، والعصبيات التي تكونت من أسدية وصلاحية وكاملية وصالحية وغيرهم، وأن ندرس إلى جانب هذا سير كبار القواد والأدوار التي لعبوها في تطور تاريخ هذه الأسرة.