فأخذوا وصلبوا، ودام الحصار نحو ثلاثة أشهر فلم يظفر الخليفة منها بشىء، فعاد إلى بغداد، وقيل كان سبب رحيله أنه بلغه أن السلطان مسعودا (?) قصد بغداد، فعاد لذلك، والله أعلم.
وفى هذه السنة - أعنى سنة [31] سبع وعشرين وخمسمائة - قصد شمس الملوك إسماعيل بن تاج الملوك بورى - صاحب دمشق - مدينة حماة، وكان والده تاج الملوك قد توفى سنة ست وعشرين، وجلس [هو] في الأمر مكانه.
وكنا قد ذكرنا أن حماة كانت لبهاء الدين سونج - أخى شمس الملوك - وأن عماد الدين قبض عليه وأخذ منه حماة، فلما نزل شمس الملوك على حماة حاصرها، وذلك في العشر الأخر من رمضان من هذه السنة، وكان الوالى بها، وهو سنقر - غلام صلاح الدين محمد بن الياغسيانى (?) - مقطعها قد سمع الخبر، فاستكثر من الرجال والذخائر، فزحف إليها شمس الملوك يوم العيد، ثم عاد عنها ذلك اليوم، وزحف إلى البلد من جميع جوانبه، فملكه قهرا، وأمّن أهله، وحصر القلعة، ولم تكن يومئذ حصينة على ما هى اليوم، وإنما عمّرها بعد ذلك الملك المظفر تقى الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب، فعجز الوالى عن حفظ القلعة، فسلّمها إليه، ثم رحل عنها إلى شيزر فحصرها، ونهب بلدها، فصانعه صاحبها ابن منقذ (?) بمال، فرجع.