ولما قارب حلب رحل أخوه تاج الدولة - كما ذكرنا - على البريّة، ومعه الأمير أرتق، وكان أشار أرتق على تاج الدولة أن يكبس السلطان، وكانوا قد وصلوا، وبهم وبدوابهم من التعب ما لم يبق معه امتناع، ولو فعل لظفر بهم؛ فقال تاج الدولة: «لا أكسر جاه أخى الذى أنا مستظل بظله، فإنه يعود علىّ بالوهن أولا». وسار إلى دمشق.
ولما وصل السلطان إلى حلب تسلم المدينة، وسلم إليه شمس الدولة سالم ابن مالك (?) بن بدران القلعة على أن يعوّضه عنها قلعة جعبر، وكان قد امتنع بالقلعة أولا [10] فأمر السلطان أن يرمى إليه بالنشاب رشقا واحدا، فرمى الجيش كله عن يد واحدة، فكادت الشمس أن تحتجب من كثرة النشاب فعوضه السلطان عنها قلعة جعبر، ولم تزل بيده ويد أولاده إلى أن أخذها منهم الملك العادل نور الدين محمود بن زنكى (?) - رحمهم الله - على ما سنذكره.
وأرسل الأمير نصر (?) بن على بن منقذ الكنائى - صاحب شيزر - إلى السلطان، ودخل في طاعته، وسلم إليه اللاذقية، وكفرطاب، وفامية، [فأجابه إلى المسالمة، وترك قصده، وأقرّ عليه شبزر (?)].