الرأى أنا نجرّبهم بالزحف أول مرة، فننظر الحال معهم، فإن حصل الغرض وإلا فنصب المجانيق ما يفوت ".
فأمر فنودى في المعسكر بالزحف إليه، والجد في قتاله، فزحفو إليه، واشتد القتال، وعظم الأمر، فصعد إنسان من العامة بقميص خلق في باشورة (?) الحصن، وقاتل على السور من أعلاه، ويتبعه غيره من أضرابة، ولحق بهم الجند، فملكوا الباشورة، فصعد الفرنج حينئذ منها إلى أسوار الحصن يحمون نفوسهم وحصنهم إلى أن يأتيهم المدد، وكان الفرنج قد جمعوا بطبرية، وألح المسلمون في قتال الحصن خوفا من وصول الفرنج إليهم وإزاحتهم عنه، وأدركهم الليل (?) وباتوا طول الليل يحرسون، وخافوا أن تفتح الفرنج الأبواب، ويغيروا عليهم على غرة، وإذا الفرنج قد أوقدوا خلف كل باب نارا ليأمنوا من المسلمين، فاطمأنوا المسلمون، وقالوا: " ما بقى إلا ثقب البرج ".
فلما أصبحوا فرق السلطان جوانب البرج على الأمراء، فأخذ عز الدين فرخشاه ابن شاهنشاه بن أيوب الجانب القبلى، وأخذ السلطان الجانب الشمالى، وأخذ ابن عمه ناصر الدين محمد بن شيركوه بقربه [نقبا] (?)، وكذلك الملك المظفر تقى الدين، وكل كبير في الدولة أخذ قسما، وكان البرج محكم البناء، فصعب نقبه، فعمقوا (?) النقب بعد الجهد، وأشعلوا النيران فيه، وانتظرا سقوط السور، فلم يسقط لعرضه، فإنه كان عرضه تسعة أذرع بالنجارى.