ولما بلغ الملك الناصر صلاح الدين ما فعل سيف الدين كتب إلى القاضى كمال الدين بن الشهرزورى والأمراء يقول:
" لو أن نور الدين علم أن فيكم من يقوم مقامى، أو يثق إليه مثل ثقته بى، لسلم إليه مصر التي (?) هى أعظم ممالكه وولاياته (?)، ولو لم يعجل عليه الموت لم يعهد إلى أحد بتربية ولده والقيام بخدمته غيرى، وأراكم قد تفردتم بمولاى وابن مولاى دونى، وسوف أصل إلى خدمته، وأجازى [إنعام والده بخدمة يظهر أثرها، وأقابل] (?) كلا منكم على سوء صليعه في ترك الذّب عن بلاده ".
[171] ولما علم الفرنج وفاة نور الدين - رحمه الله - اجتمعوا وساروا إلى قلعة بانياس وحصروها، فجمع الأمير شمس الدين بن المقدّم العساكر عنده بدمشق، وخرج منها وراسلهم ولا طفهم، ثم أغلظ لهم في القول، وقال:
" إن أنتم صالحتمونا، وعدتم عن بانياس، فنحن على ما كنا عليه؛ وإن أبيتم ذلك، أرسلنا إلى سيف الدين صاحب الموصل، وصلاح الدين صاحب مصر، ونستنجدهم، ونطلب بلادكم من جهاتها كلها، فلا تقومون لنا، وأنتم تعلمون أن صلاح الدين كان يخاف أن يجتمع بنور الدين، والآن فقد زال ذلك الخوف، وإذا طالبناه إلى بلادكم لا يمتنع ".
فعلموا صدقهم، وصالحوهم على شئ من المال أخذوه، وأسرى أطلقوا لهم كانوا عند المسلمين، وتقررت الهدنة بينهم.