فعاد إليه، ولم يتجاسر يعرّفه ما قال ذلك الرجل، وكتمه ذلك الأمر، فلم يقبل منه [نور الدين] غير الحق، فذكر له قوله، فألقى الجوكان (?) من يده، وخرج من الميدان، وسار إلى القاضى، وهو إذ ذاك كمال الدين بن الشهرزورى، وأرسل [نور الدين] إلى القاضى يقول له: «إنى قد جئت محاكما، فاسلك معى مثل ما تسلكه مع غيرى»، فلما حضر ساوى خصمه وحاكمه، فلم يثبت عليه حق، وثبت الملك لنور الدين، فقال نور الدين حينئذ للقاضى ولمن معه: «هل ثبت له عندى حق؟». فقالوا: «لا»، قال: «اشهدوا أنى قد أوهبته هذا الملك الذى حاكمنى عليه، وهو له دونى، وقد كنت أعلم أنه لاحق له عندى، وإنما حضرت معه لئلا يظن أنى ظلمته، فحين ظهر أن الحق لى وهبته له».
وذكر (?) أنه دخل يوما إلى خزانة بيت المال، فرأى فيها مالا أنكره، فسأل عنه، فقيل: إن القاضى كمال الدين أرسله، وهو من جهة كذا، فقال: «إن هذا المال ليس لنا ولا لبيت المال في هذه الجهة شىء»، وأمر بردّه وإعادته إلى كمال الدين ليردّه إلى صاحبه، فأرسله متولى الخزانة إلى كمال الدين، فردّه إلى الخزانة، وقال: «إذا سألك الملك العادل عنه فقل (?) له عنى إنه له»، فدخل نور الدين إلى الخزانة مرة أخرى، فرآه، فأنكره على النّواب (?)، وقال: «ألم أقل