ثم شرع نور الدين باللعب بالكرة مع خواصه، فاعترضه برتقش - أمير آخر - وقال له: «باش»، فحصل عنده غيظ على خلاف عاداته في الكرم والحلم، فزجره وزيره، ثم ساق ودخل القلعة، ولم يخرج منها إلا ميتا، وأصابته (?) علة الخوانيق، فبقى أسبوعا في منزله مشغولا بالنازلة التي نزلت به، والناس مشغولون بزينة الختان والفرح، والبلد مزين لطهور الملك الصالح، فما انتهت الأفراح إلا بحلول المصيبة به رحمه الله.
وأشار عليه الأطباء بالفصد فامتنع، وكان مهيبا فما روجع؛ وحكى الطبيب جمال الدين الرحبى (?) الدمشقى قال: «استدعانى نور الدين في مرضه الذى توفى فيه مع غيرى من الأطباء، فدخلنا عليه وهو في بيت صغير بقلعة دمشق، وقد تمكنت الخوانيق به وقارب الهلاك، فلا يكاد يسمع صوته، فقلت له: كان ينبغى أن لا يؤخر إحضارنا إلى أن يشتد بك المرض إلى هذا الحد؛ فالآن ينبغى أن تنتقل إلى مكان فسيح فله أثر في هذا المرض، وشرعنا في علاجه فلم ينفع فيه الدواء، وعظم الداء، ومات عن قريب».
قال عماد الدين الكاتب (?): «كان لنور الدين - رحمه الله - صفّة (?)