كان الملك العادل نور الدين - رحمه الله - لما تحقق ضعف الدولة المصرية، وأنه لم يبق لهم منعة كتب إلى صلاح الدين يأمره أن يقطع خطبة العاضد ويخطب للخليفة من بنى العباس، فاعتذر (?) صلاح الدين بن أيوب بالخوف من وثوب أهل مصر وامتناعهم من الإجابة إلى ذلك لميلهم إلى العلوية (1)، فلم يصغ نور الدين إلى قوله، وأرسل إليه يلزمه ذلك إلزاما لا فسحة فيه؛ ثم اتفق مرض العاضد، فاستشار صلاح الدين الأمراء في قطع الخطبة له، وكيف يكون الابتداء بالخطبة العباسية، فمنهم من أقدم على المساعدة وأشار بها، ومنهم من خاف من الإقدام على ذلك؛ إلا أنه لم يمكنه إلا امتثال [أمر (?)] نور الدين؛ وكان قد رحل إلى ديار مصر رجل أعجمى يعرف بالأمير العالم (?)، فلما رأى ما بهم من الإحجام، قال: «أنا أبتدى بها».