أفواه السكك، فطلبوا الأمان بعد أن كثر فيهم القتل، فأجيبوا إلى ذلك؛ وذلك يوم السبت ليلتين بقيتا من ذى القعدة، فمضوا إلى الجيزة، فعبر إليهم الملك المعظم شمس الدولة توران شاه بن أيوب - أخو السلطان - في طائفة من العسكر فأبادهم بالسيف، فلم يبق منهم إلا الشريد، وضعف أمر العاضد بالكلية وتلاشى أمره؛ وأمر صلاح الدين بتخريب محلة السودان، وأعفى أثرها، فخرّبها بعض الأمراء واتخذها بستانا؛ وأصبح أمر السودان كأن لم يكن قط (?)؛ ففى ذلك يقول عماد الدين الكاتب يمدح صلاح الدين، وسيّرها إليه من الشام:

بالملك الناصر استنارت ... - في عصرنا - أوجه الفضائل

علىّ من حقه فروض ... شكرا لما جاد من نوافل

يوسف مصر الذى إليه ... تشدّ آمالنا الرواحل

أجريت نيلين في ثراها: ... نيل نجيع، ونيل نائل

وما نفيت السودان حتى ... حكّمت البيض في المقاتل

[116] صيّرت رحب الفضاء ضيقا ... عليهم كفه بحائل (?)

وكلّ رأى منهم كراء ... وأرض مصر كلام واصل

وقد خلت منهم المغانى ... وأقفرت منهم المنازل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015