وكان يقترح عليه أمورا علمية وآلات رياضية، فعمل له كرة من الخشب رسم فيها جميع الكواكب المرصودة في السماء، وعملت هذه الكرة بالقلعة، وكنت أساعد (?) الشيخ علم الدين على تحريرها. وكان السلطان الملك المظفر - رحمه الله - يحضرنا ونحن نرسمها، ويسألنا عن المواضع الدقيقة فيها، فنخبره، فيدرك ما نقول لصحة إدراكه وقوة ذهنه. وحصل لى منه - رحمه الله - حظ كثير، واعتناء عظيم، وذلك قبيل موته بسنة أو نحوها. وكان كل وقت يسأل الشيخ [49 ب] علم الدين: «أي شىء وصلت إليه من كتاب المجسطى (?) والعلوم الرياضية؟». وإذا حضرت معه باسطنى وتحدث معى كثيرا، وسألنى عن الذى حققته من هذه الفنون، وهو منشرح لذلك مسرور به، وكنت مؤملا بلوغ الآمال كلها منه.
ولما عرض له ما عرض من ذلك المرض، حصل عندى من الألم ما لا مزيد عليه. ففارقت حماه وانتقلت إلى الديار المصرية.
وكان رحمه الله ناقص الحظ، لم يزل مع جيرانه في حروب دائمة وعناء متصل إلى أن عرض من المرض له ما عرض. وكان يرجو ظهور الملك الصالح وقوته لينتقم به من أعدائه، فحين ظهر أمر الملك الصالح عرض له من المرض ما عرض، وأعقب ذلك موته.