أن إمرأة من التتر دخلت دارا وقتلت جماعة من أهلها [وأسرت الباقين (?)] وهم يظنون أنها رجل، ثم وضعت السلاح فعرف أنها إمرأة فقتلها بعض أسراها. وذكر أن رجلا من التتر دخل دربا فيه ما يزيد على مائة رجل، فقتلهم واحدا واحدا حتى أفناهم، لم يمد أحد يده إليه، لما ركبهم من الخذلان والمذلة.
ثم رحل التتر قاصدين بلاد إربل، ووصل خبرهم إلى الموصل، فهم أهلها بالهرب خوفا من السيف. فأرسل مظفر الدين بن زين الدين صاحب إربل إلى بدر الدين لؤلؤ يطلب منه نجدة. فسير إليه جمعا من العسكر، وأراد أن يمضى إلى أطراف البلاد ويحفظ المضايق لئلا يجوزوها، وهى مضايق لا يجوزها إلا الفارس بعد الفارس. ووصلت كتب الخليفة الناصر لدين الله ورسله إلى مظفر الدين [صاحب إربل (?)] وبدر الدين [لؤلؤ صاحب الموصل (?)] يأمرهم بالاجتماع مع عساكره بمدينة دقوقا (?) ليمنعوا التتر، فإنهم ربما عدلوا عن جبال إربل لصعوبتها إلى هذه الناحية، ويتطرقون العراق. فسار مظفر الدين في عسكره وعسكر الموصل، وتبعهم من المطوعة خلق كثير. وأرسل الخليفة إلى الملك الأشرف يأمره بالحضور بنفسه في عساكره ليجتمع الجميع على قصد التتر. فاتفق في ذلك الوقت أن الملك المعظم صاحب دمشق وصل إلى الشرق، كما سنذكره، يطلب من أخيه الملك الأشرف أن يسير معه بنفسه إلى مصر ليستنقذوا ثغر دمياط من الفرنج. فاعتذر الملك الأشرف إلى الخليفة بأخيه الملك الكامل، وقوة الفرنج بالديار المصرية، فإنهم إن لم يتداركوها ملكت الفرنج مصر والشام، واستؤصلت بلاد الإسلام.