بسم الله الرّحمن الرّحيم
إذا كانت الحضارة العربية الإسلامية هى باعتراف الباحثين أعظم حضارة شهدها العالم أجمع طوال العصور الوسطى؛ فإن جزءا هاما من هذه الحضارة يكمن بين طيات الكتب التي تشكل ركنا أساسيا من التراث العربى.
ومنذ فجر النهضة الأوربية الحديثة والتراث العربى يحظى بعناية فائقة، ظهرت في القرنين الثانى عشر والثالث عشر للميلاد، عند ما أقبل الأوربيون على ترجمة كل ما وصل إلى أيديهم من ثمار الفكر العربى إلى اللاتينية، ثم إلى اللغات القومية التي ظهرت في الغرب الأوربى مع أواخر العصور الوسطى وبداية العصور الحديثة.
ثم كان أن اشتد تيار الإستشراق وخاصة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، فظهرت مجموعة من المستشرقين الذين تعمقوا في دراسة تراث الفكر العربى، وهؤلاء لم يكتفوا بترجمة أجزاء من هذا التراث، وإنما امتد نشاطهم إلى التحقيق والمقارنة ونشر المتون في صورتها الأصلية العربية.
ومن الطبيعى أن يدرك أبناء العروبة في نهضتهم الحديثة أنهم أحق الناس برعاية تراث آبائهم وأجدادهم، وأقدرهم على تحقيق ذلك التراث ونشره.
وهكذا أخذ علماء العرب زمام حركة إحياء التراث العربى، ووجدوا في هذا الإحياء إحساسا بالأمل وشعورا بالفخر وتعبيرا عن الوفاء للسلف العظيم.