وقد جاء في الأثر: أنّ الله عزَّ وجلّ لما خلق آدم بيده وخلق فرجه قال: يا آدم هذا وديعتي لك وأمانتي عندك. قال الله عزَّ وجلّ {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون:5 - 7].
فصل
أيُّها الأخ إِن أردت أن تنال درجة أهل التقوى والخشية فعليك بالحياء من الله في الخَلَوات، واعلم أنَّه يراك من فوق عرشه وفوق سبع سماواته، وأنَّه يرى ما تتحرك به جوارحك، قال الله تعالى: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ} [النساء: 108].
وكذلك يعلم ما توسوس به نفسك ويجول في صدرك، قال الله عزَّ وجلّ: {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (12) وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (13) أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [تبارك:12 - 14].
فعوِّد نفسك أيُّها الأخ بالحياء من الله عزَّ وجل ولو ساعة من نهار، ثُمَّ عد إلى أشغالك ومُهمّاتك، ثُمَّ عد واحفظ تلك الساعة واكتم هذه المعاملة بينك وبين مولاك، لا تحدِّث أحدًا بأنك تعمل مثل هذا فيُخشى أن ينطفئ نور المراقبة من قلبك، ولا تزال كذلك تتعوَّد هذا ساعة بعد ساعة حتى يبقى الحياء من الله طبيعة فيك