يسلكها النَّاس لكانوا أولى بِهِ مِنْهُ وأسبق إِلَيْهِ لِأَن أَسبَاب مَا ينَال بالفكر وَالْكِتَابَة والحساب وَالنَّظَر والصناعات بِأَيْدِيهِم فَهَذَا من اقوى براهين نبوته وآيات صدقه وَإِن هَذَا الَّذِي جَاءَ بِهِ لَا صنع للبشر فِيهِ الْبَتَّةَ وَلَا هُوَ مِمَّا ينَال بسعي وَكسب وفكر وَنظر إِن هُوَ إِلَّا وَحي يُوحى علمه شَدِيد القوى الَّذِي يعلم السِّرّ فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض أنزلهُ عَالم الْغَيْب فَلَا يظْهر على غيبَة أحدا إِلَّا من ارتضى من رَسُول قَالُوا فَهَكَذَا إخْبَاره عَن عدم الْعَدْوى إِخْبَار عَن ظَنّه كإخباره عَن عدم تَأْثِير التلقيح لَا سِيمَا وَأحد الْبَابَيْنِ قريب من الآخر بل هُوَ فِي النَّوْع وَاحِد فَإِن اتِّصَال الذّكر بِالْأُنْثَى وتأثره بِهِ كاتصال المعدى بالمعدي وتأثره بِهِ وَلَا ريب أَن كلهما من أُمُور الدُّنْيَا لَا مِمَّا يتَعَلَّق بِهِ حكم من الشَّرْع فَلَيْسَ الْإِخْبَار بِهِ كالإخبار عَن الله سُبْحَانَهُ وَصِفَاته وأسمائه وَأَحْكَامه قَالُوا فَلَمَّا تبين لَهُ من أَمر الدُّنْيَا الذى أجْرى الله سُبْحَانَهُ عَادَته بِهِ ارتباط هَذِه الأ سباب بَعْضهَا بِبَعْض التلقيح فى صَلَاح الثِّمَار وتأثير إِيرَاد الممرض على المصح أقرهم على تأبير النّخل ونهاهم أَن يُورد ممرض على مصح قَالُوا وَإِن سمى هَذَا نسخآ بِهَذَا الِاعْتِبَار فَلَا مشاحة فى التَّسْمِيَة إِذا ظهر الْمَعْنى وَلِهَذَا قَالَ أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن فَلَا أدرى أنسى أَبُو هُرَيْرَة أَو نسخ أحد الْقَوْلَيْنِ بِالْآخرِ يعْنى بحَديثه بِالْحَدِيثين فجوز أَبُو سَلمَة النّسخ فى ذَلِك مَعَ أَنه خبر وَهُوَ بِمَا ذكرنَا من الِاعْتِبَار وَهَذَا المسلك حسن لَوْلَا أَنه قد اجْتمع الفصلان فى حَدِيث وَاحِد كَمَا فى موطآ مَالك أَنه بلغه عَن بكير بن عبد الله ابْن الْأَشَج عَن ابْن عَطِيَّة أَن رَسُول قَالَ لَا عدوى ولاصفر ولايحلل الممرض على المصح وليحلل المصح حَيْثُ شَاءَ قَالُوا وَمَا ذَاك يَا رَسُول الله فَقَالَ رَسُول الله إِنَّه أَذَى وَقد يُجَاب عَن هَذَا بحوابين: أَحدهمَا أَن الحَدِيث لَا يثبت لوَجْهَيْنِ: أَحدهمَا إرْسَاله وَالثَّانِي أَن ابْن عَطِيَّة هَذَا وَيُقَال أبوعطية مَجْهُول لَا يعرف إِلَّا فِي هَذَا الحَدِيث 00 الْجَواب الثَّانِي قَوْله فِيهِ لاعدوى نهى لَا نفى أى لَا يعدى الممرض المصح بحلوله عَلَيْهِ وَيدل على ذَلِك مَا رَوَاهُ أَبُو عمر النمرى حَدثنَا خلف بن الْقَاسِم حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله حَدثنَا يحيى بن مُحَمَّد بن صاعد حَدثنَا أَبُو هِشَام الرفاعى حَدثنَا الْبشر بن عمر الزهر انى قَالَ قَالَ مَالك أَنه بلغه عَن بكير بن عبد الله بن الْأَشَج عَن أَبى عَطِيَّة أَو أبن عَطِيَّة شكّ بشر عَن أَبى هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله لاطيرة ولاهامة وَلَا يعدى سقم صَحِيحا وليحل المصح حَيْثُ شَاءَ خفى هَذَا النهى كالإثبات للعدى والنهى عَن أَسبَابهَا وَلَعَلَّ بعض الروَاة رَوَاهُ بِالْمَعْنَى فَقَالَ لَا عدوى وَلَا طيرة وَلَا هَامة وَإِنَّمَا مخرج الحَدِيث النهى عَن الْعَدْوى لَا نَفيهَا وَهَذَا أَيْضا حسن لَوْلَا حَدِيث ابْن شهَاب عَن أَبى سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبى هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله فَمن أعدى الأول فَهَذَا الحَدِيث قد فهم مِنْهُ السَّامع النَّفْي وَأقرهُ عَلَيْهِ وَلِهَذَا أستشكل نَفْيه وَأورد مَا أوردهُ فَأَجله صلى