الَّذِي إبِله صِحَاح وَقد ظن بعض النَّاس أَن هَذَا معَارض لقَوْله لَا عدوى وَلَا طيرة وَقَالَ لَعَلَّ أحد الْحَدِيثين نسخ الآخر وَأورد الْحَارِث بن أَبى ذئاب وَهُوَ ابْن عَم أَبى هُرَيْرَة رضى الله عَنهُ جمعه بَين الرِّوَايَتَيْنِ وظنهما متعارضتين فروى ابْن هرير عَن أَبى سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن قَالَ كَانَ أَبُو هُرَيْرَة يحدثنا عَن رَسُول الله لَا عدوى ثمَّ حَدثنَا أَن رَسُول الله قَالَ لَا يُورد ممرض على مصح قَالَ فَقَالَ الْحَارِث بن أَبى ذئاب وَهُوَ ابْن عَم أَبى هُرَيْرَة قد كنت أسمعك يَا أَبَا هُرَيْرَة تحدثنا حَدِيثا آخر قد سكت عَنهُ كنت تَقول قَالَ رَسُول الله لَا عدوى فَأبى أَبُو هُرَيْرَة أَن يحدث بذلك وَقَالَ لَا يُورد ممرض على مصح فَمَا رَآهُ الْحَارِث فِي ذَلِك حَتَّى غضب أَبُو هُرَيْرَة ورطن بالحبشية ثمَّ قَالَ لِلْحَارِثِ أتدرى مَا قلت قَالَ لَا قَالَ إِنِّي أَقُول أَبيت أَبيت فَلَا أدرى أنسى أَبُو هُرَيْرَة أَو نسخ أحد الْقَوْلَيْنِ الآخر
قلت قد اتّفق مَعَ أَبى هُرَيْرَة سعد بن أَبى وَقاص وَجَابِر بن عبد الله وَعبد الله بن عَبَّاس وَأنس بن مَالك وَعمر بن سلم على روايتهم عَن النَّبِي قَوْله لَا عدوى وَحَدِيث أَبى هُرَيْرَة مَحْفُوظ عَنهُ بِلَا شكّ من رِوَايَة أوثق أَصْحَابه وأحفظهم أَبى سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن وَمُحَمّد بن سِيرِين وَعبيد الله بن عبد الله بن عتبَة والْحَارث بن أَبى ذئاب وَلم يتفرد أَبُو هُرَيْرَة بروايته عَن النَّبِي بل رَوَاهُ مَعَه من الصَّحَابَة من ذَكرْنَاهُ وَقَوله لَا يُورد ممرض على مصح صَحِيح أَيْضا ثَابت عَنهُ فالحديثان صَحِيحَانِ وَلَا نسخ تعَارض بَينهمَا بِحَمْد الله بل كل مِنْهُمَا لَهُ وَجه وَقد طعن أَعدَاء السّنة فِي أهل الحَدِيث وَقَالُوا يروون الْأَحَادِيث الَّتِي ينْقض بَعْضهَا بَعْضًا ثمَّ يصححونها وَالْأَحَادِيث الَّتِي تخَالف الْعقل فَانْتدبَ أنصار السّنة للرَّدّ عَلَيْهِم وَنفي التَّعَارُض عَن الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة وَبَيَان موافقتها لِلْعَقْلِ قَالَ أَبُو مُحَمَّد بن قُتَيْبَة فِي كتاب مُخْتَلف الحَدِيث لَهُ قَالُوا حديثان متناقضان قَالُوا رويتم عَن رَسُول الله أَنه قَالَ لَا عدوى وَلَا طيرة وَأَنه قيل لَهُ أَن النقبة تقع بمشفر الْبَعِير فتجرب لذَلِك الْإِبِل فَقَالَ فَمَا أعدي الأول هَذَا أَو مَعْنَاهُ ثمَّ رويتم فِي خلاف ذَلِك لَا يُورد ذُو عاهة على مصح وفر من المجذوم فرارك من الْأسد وَأَتَاهُ رجل مجذوم ليبايعه بيعَة الْإِسْلَام فَأرْسل إِلَيْهِ الْبيعَة وَأمره بالانصراف وَلم يَأْذَن لَهُ وَقَالَ الشؤم فِي الْمَرْأَة وَالدَّار وَالدَّابَّة قَالُوا وَهَذَا كُله مُخْتَلف يشبه لَا يثبه بعضه بَعْضًا قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَنحن نقُول أَنه لَيْسَ فِي هَذَا اخْتِلَاف وَلكُل وَاحِد معنى فِي وَقت وَمَوْضِع فَإِذا وضع مَوْضِعه زَالَ الِاخْتِلَاف والعدوى جِنْسَانِ أَحدهمَا عدوى الجذام فَإِن