قال بعض السَّلف: "ملاقاةُ الرجال تلقيحٌ لألبابها" (?)؛ فالمذاكرةُ به لِقاحُ العقل.
فالخيرُ والسعادةُ في خزانةٍ مفتاحُها التفكُّر؛ فإنه لابد من تفكُّرٍ وعلمٍ يكونُ نتيجة الفكر (?)، وحالٍ يحدثُ للقلب من ذلك العلم؛ فإنَّ كلَّ من عَلِمَ شيئًا من المحبوب أو المكروه لابدَّ أن يبقى لقلبه حالةٌ (?) وينصبغَ (?) بصبغةٍ من علمه، وتلك الحالُ توجبُ له إرادة، وتلك الإرادةُ توجبُ وقوعَ العمل.
فهاهنا خمسةُ أمور: الفكر، وثمرتُه العلم، وثمرتهُما الحالةُ التي تحدثُ للقلب، وثمرةُ ذلك الإرادة، وثمرتُها العمل.
فالفكرُ إذًا هو المبدأ والمفتاحُ للخيرات كلِّها.
وهذا يكشفُ لك (?) عن فضل التفكُّر وشرفه، وأنه من أفضل أعمال القلب وأنفعها له، حتى قيل: "تفكُّرُ ساعةٍ خيرٌ من عبادة سنة" (?).
فالفكرُ هو الذي ينقلُ من موت الغفلة إلى حياة اليقظة، ومن المكاره