ومن هذا ما قيل: "إذا أكرمَك الناسُ لمالٍ أو سلطانٍ فلا يُعْجِبَنَّك ذلك؛ فإنَّ زوالَ الكرامة بزوالهما، ولكن لِيُعْجِبْك (?) إن أكرموك لعلمٍ أو دين" (?).

وهذا أمرٌ لا يُنْكَرُ في الناس؛ حتَّى إنهم ليُكْرِمُون الرجلَ لثيابه، فإذا نزعها لم ير منهم تلك الكرامةَ وهو هو!

قال مالك: "بلغني أنَّ أبا هريرة دُعِيَ إلى وليمةٍ فأتى، فحُجِب، فرجعَ فلبسَ غير تلك الثِّياب، فأُدْخِل، فلمَّا وُضِعَ الطعامُ أدخلَ كمَّه في الطعام، فعُوتِبَ في ذلك، فقال: إنَّ هذه الثيابَ هي التي أُدخِلَت، فهي تأكُل". حكاه ابنُ مُزَين الطُّليطلي في "كتابه" (?).

وهذا بخلاف صنيعة العلم، فإنها لا تزولُ أبدًا، بل كلَّما لها (?) في زيادة، ما لم يُسْلَبْ ذلك العالِمُ علمَه.

وصنيعةُ العلم والدِّين أعظمُ من صنيعة المال؛ لأنَّها تكونُ بالقلب واللسان والجوارح، فهي صادرةٌ عن حبٍّ وإكرامٍ لأجل ما أودعه اللهُ تعالى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015