حقًّا، حتَّى عُدَّ ذلك حياةً ثانية، كما قال المتنبي (?):
ذِكْرُ الفتى عَيْشُه الثاني وحاجتُه ... ما قاتَه وفضولُ العَيْشِ أشغالُ
* قولُه: "وصنيعةُ المال تزولُ بزواله"؛ يعني: أنَّ كلَّ صنيعةٍ صنِعَت للرجل من أجل ماله؛ من إكرامٍ ومحبَّةٍ وخدمةٍ وقضاءِ حوائجَ وتقديمٍ واحترامٍ وتوليةٍ وغير ذلك، فإنها إنما هي مراعاةٌ لماله، فإذا زال مالُه وفارقه زالت تلك الصنائعُ كلُّها، حتَّى إنه ربَّما لا يُسَلِّمُ عليه من كان يدأبُ في خدمته ويسعى في مصالحه.
وقد أكثر الناسُ من هذا المعنى في أشعارهم وكلامهم.
وفي مثل قولهم: "مَنْ وَدَّك لأمرٍ مَلَّك عند انقضائه" (?) قال بعض العرب:
وكان بنو عمِّي يقولون: مرحبًا ... فلمَّا رأوني مُعْسِرًا ماتَ مَرْحَبُ (?)