* وقولُه: "الناس ثلاثة: فعالمٌ ربَّاني، ومتعلِّمٌ على سبيل النجاة، وهَمَجٌ رعاع"؛ هذا تقسيمٌ حاصرٌ للناس (?)، وهو الواقع؛ فإنَّ العبدَ إمَّا أن يكون قد حَصَّل كمالَه من العلم والعمل أَوْ لا؛ فالأول: العالمُ الرَّبَّانِي، والثاني: إمَّا أن تكون نفسُه متحرِّكةً في طلب ذلك الكمال ساعيةً في إدراكه أَوْ لا، والثاني: هو المتعلِّمُ على سبيل النجاة، والثالث: هو الهَمَجُ الرعاع. فالأول: هو الواصل، والثاني: هو الطالب، والثالث: هو المحروم.
والعالمُ الرَّبَّانِي، قال ابن عباس رضي الله عنهما: "هو المعلِّم" (?)، أخذَه من التربية؛ أي: يَرُبُّ الناسَ بالعلم (?)، ويربِّيهم به كما يربيِّ الطِّفلَ أبوه.
وقال سعيد بن جبير: "هو الفقيه العليم الحكيم" (?).
قال سيبويه: "زادوا ألفًا ونونًا في الرَّبَّانِي إذا أرادوا تخصيصًا بعلم الربِّ تبارك وتعالى، كما قالوا: شَعْراني ولحْياني" (?).
معنى قول سيبويه -رحمه الله-: أنَّ هذا العالِمَ لمَّا نُسِبَ إلى علم الربِّ تعالى الَّذي بعثَ به رسولَه، وتَخصَّصَ به، نُسِبَ إليه دون سائر من عَلِمَ علمًا ما.