الوجه الخامس عشر بعد المئة: قال عمر رضي الله عنه: "أيها الناس عليكم بالعلم؛ فإنَّ لله سبحانه رداءً يحبُّه، فمن طلب بابًا من العلم رَدَّاهُ اللهُ بردائه، فإن أذنبَ ذنبًا استعتَبه؛ لئلَّا يَسْلُبه رداءه ذلك حتى يموت به" (?).
قلت: ومعنى استعتاب الله عبدَه أن يطلبَ منه أن يُعْتِبَه؛ أي: يزيل عَتْبَه عليه بالتوبة والاستغفار والإنابة، فإذا أناب إليه رفع عنه عَتْبَه؛ فيكونُ قد أَعْتَبَ ربَّه، أي: أزال عَتْبَه عليه، والربُّ تعالى قد استعتبَه؛ أي: طلبَ منه أن يُعْتِبَه.
ومن هذا قولُ ابن مسعود- وقد وقعت زلزلةٌ بالكوفة-: "إنَّ ربكم يستعتبُكم فأَعْتِبُوه" (?).
وهذا هو الاستعتابُ الذي نفاه سبحانه في الآخرة في قوله: {فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} [الجاثية: 35]، أي: لا يُطْلَبُ منهم إزالة عَتْبِنا عليهم؛ فإنَّ إزالته إنما تكونُ بالتوبة، وهي لا تنفعُ في الآخرة.