واختلفَ الناسُ في الأفضل منهما (?):
* فقالت طائفة، منهم أبو المعالي (?) وغيرُه: السمعُ أفضل.
قالوا: لأنَّ به تنالُ سعادةُ الدنيا والآخرة، فإنها إنما تحصلُ بمتابعة الرسل، وقبول رسالاتهم، وبالسمع عُرِفَ ذلك؛ فإنَّ من لا سَمْعَ له لا يعلمُ ما جاءوا به.
وأيضًا؛ فإنَّ السمعَ يُدْرَكُ به أجلُّ شيءٍ وأفضلُه، وهو كلامُ الله تعالى الذي فضلُه على الكلام كفضل الله على خلقه.
وأيضًا؛ فإنَّ العلومَ إنما تنالُ بالتفاهم والتخاطب، ولا يحصلُ ذلك إلا بالسمع.
وأيضًا؛ فإنَّ مُدْرَكه أعمُّ من مُدْرَكِ البصر؛ فإنَّه يدركُ الكلِّيَّات والجزئيَّات والشاهدَ والغائب والموجودَ والمعدوم، والبصرُ لا يدركُ إلا بعض المشاهَدات، والسمعُ يسمعُ كلَّ علم؛ فأين أحدُهما من الآخر؟ !