بالسُّنَّة، فإن كانوا في السُّنَّة سواءً فأقدمهم سِلْمًا أو سنًّا ... " وذكرَ الحديث.
فقدَّم في الإمامة بفضيلة العلم (?) على تقدُّم الإسلام والهجرة، ولما كان العلمُ بالقرآن أفضل من العلم بالسُّنَّة - لشرف معلومه على معلوم السُّنَّة - قدَّمَ العلمَ به، ثمَّ قدَّمَ العلمَ بالسُّنَّة على تقدُّم الهجرة، وفيه من زيادة العمل ما هو متميِّز به، لكن إنما راعى التقديمَ بالعلم ثمَّ بالعمل، وراعى التقديمَ بالعلم بالأفضل على غيره، وهذا يدلُّ على شرف العلم وفضله، وأنَّ أهلَه هم أهلُ التقدُّم (?) إلى المراتب الدينيَّة.
الوجه الخامس والخمسون: ما ثبتَ في "صحيح البخاري" (?) من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "خيرُكم من تعلَّم القرآن وعلَّمه".
وتعلُّمُ القرآن وتعليمُه يتناولُ تعلُّم حروفه وتعليمَها، وتعلُّمَ معانيه وتعليمَها، وهو أشرفُ قِسْمَي تعلُّمه وتعليمه؛ فإنَّ المعنى هو المقصود، واللفظُ وسيلةٌ إليه، فتعلُّم المعنى وتعليمُه تعلُّمُ الغاية وتعليمُها، وتعلُّمُ اللفظ المجرَّد وتعليمُه تعلُّمُ الوسائل وتعليمُها، وبينهما كما بين الغايات والوسائل.
الوجه السادس والخمسون: ما رواه الترمذي وغيرُه في نسخة عمرو ابن الحارث، عن درَّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لن يشبعَ المؤمنُ من خيرٍ يسمعُه حتى يكونَ منتهاه الجنة" (?).