الأسنى والحظِّ الأوفى إلا بالعلم الموروث عن عبده ورسوله وخليله وحبيبه، الذي بعثه لذلك داعيًا، وأقامه على هذا الطريق هاديًا، وجعله واسطةً بينه وبين الأنام، وداعيًا لهم بإذنه إلى دار السَّلام، وأبى سبحانه أن يفتحَ لأحدٍ منهم إلا على يديه، أو يقبل من أحدِ منهم سعيًا إلا أن يكون مبتدئًا منه ومنتهيًا إليه، فالطرقُ كلُّها إلا طريقَه - صلى الله عليه وسلم - مسدودة، والقلوبُ بأسرها إلا قلوبَ أتباعه المنقادة إليه عن الله محبوسةٌ مصدودة.
فحقٌّ على من كان في سعادة نفسه ساعيًا، وكان قلبه حيًّا عن الله واعيًا، أن يجعل على هذين الأصلين مدارَ أقواله وأعماله، وأن يُصَيِّر هما آخِيَّتَه (?) التي إليها مفزعُه في حياته ومآله.
فلا جَرَمَ كان وضعُ هذا الكتاب مؤسَّسًا على هاتين القاعدتين، ومقصودُه التعريف بشرف هذين الأصلين، وسمَّيتُه: "مفتاح دار السَّعادة ومنشور (?) ولاية العلم (?) والإرادة"؛ إذ كان هذا من بعض النُّزُلِ (?) والتُّحَف التي فتح الله بها عليَّ حين انقطاعي إليه عند بيته، وإلقائي نفسي ببابه مسكينًا ذليلًا، وتعرُّضي لنفحاته في بيته وحوله بكرةً وأصيلًا، فما خابَ من أنزل به حوائجَه، وعلَّق به آمالَه، وأصبح ببابه مقيمًا وبحِمًاه نزيلًا.