يوصلُ إليه أبدًا إلا من باب العلم والإرادة؛ فالإرادةُ بابُ الوصول إليه، والعلمُ مفتاحُ ذلك الباب المتوقِّف فتحُه عليه، وكمالُ كلِّ إنسانٍ إنما يتمُّ بهذين النوعين: هِمَّةٌ ترقِّيه، وعلمٌ يبصِّره (?) ويهديه = فإنَّ مراتبَ السعادةِ والفلاح إنما تفوتُ العبدَ من هاتين الجهتين، أو من إحداهما:

* إمَّا أن لا يكون له علمٌ بها، فلا يتحركُ في طلبها.

* أو يكون عالمًا بها ولا تنهضُ همَّتُه إليها.

فلا يزالُ في حضيض طبعه محبوسًا، وقلبُه عن كماله الذي خُلِقَ له مصدودًا منكوسًا، قد أسامَ نفسَه مع الأنعام راعيًا مع الهَمَل، واستطابَ لُقَيْمات الراحة والبَطالة، واسْتَلانَ فراشَ العجز والكسل، لا كمن رُفِعَ له (?) عَلَمٌ فشمَّر إليه، وبُورِكَ له في تفرُّده في طريق طلبه فلزمه واستقام عليه، قد أبَتْ غَلَباتُ شوقِه (?) إلا الهجرة إلى الله ورسوله، ومقَتَت نفسُه الرفقاءَ إلا ابنَ سبيلٍ يرافقُه في سبيله.

ولما كان كمالُ الإرادة بحسب كمال مرادها، وشرفُ العلم تابعٌ لشرف معلومه، كانت نهايةُ سعادة العبد التي لا سعادة له بدونها ولا حياة له إلا بها أن تكون إرادتُه متعلقةً بالمراد الذي لا يبلى ولا يفوت، وعَزَماتُ همَّته مسافرةً إلى حضرة الحيِّ الذي لا يموت. ولا سبيل له إلى هذا المطلب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015