لهم، ولم يريدوا أنَّ لهم حجةً هم عُميٌ عنها، بل هم عُميٌ عن الهدى كما كانوا في الدُّنيا؛ فإنَّ العبدَ يموتُ على ما عاش عليه، ويُبْعَثُ على ما مات عليه.

وبهذا يظهرُ أنَّ الصوابَ هو القولُ الآخر، وأنه عمى البصر؛ فإنَّ الكافر يعلمُ الحقَّ يوم القيامة عِيانًا، ويُقِرُّ بما كان يجحدُه في الدُّنيا، فليس هو أعمى عن الحقِّ يومئذ (?).

وفصلُ الخطاب: أنَّ الحشرَ هو الضمُّ والجمع.

ويرادُ به تارةً الحشرُ إلي موقف القيامة؛ كقول (?) النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنكم محشورون إلى الله حفاةً عراةً غُرلًا" (?)، وكقوله تعالي: {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ} [التكوير: 5]، وكقوله تعالي: {وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا} [الكهف: 47].

ويرادُ به الضمُّ والجمعُ إلى دار المستقَرِّ؛ فحشرُ المتقين: جمعُهم وضمُّهم إلي الجنة، وحشرُ الكافرين: جمعُهم وضمُّهم إلي النار.

قال تعالي: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا} [مريم: 85].

وقال تعالي: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ} [الصافات: 22 - 23]، فهذا الحشرُ هو بعد حشرهم إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015