قيل في هذه الآية أيضًا: إنهم عميٌ وبكمٌ وصمٌّ عن الهدى، كما قيل في قوله: {وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: 124]، قالوا: لأنهم يتكلَّمون يومئذٍ، ويسمعون، ويبصرون.
ومن نصر أنَّه العمى والبَكَم والصَّمم المضادُّ للبصر والسمع والنُّطق، قال بعضهم: هو عمًى وصممٌ وبكمٌ مقيَّدٌ لا مطلق، فهم عُميٌ عن رؤية ما يسرُّهم وسماعِه. وهذا قد رُوي عن ابن عباسٍ - رضي الله عنهما -، قال: "لا يرونَ شيئًا يسرُّهم" (?).
وقال آخرون: هذا الحشرُ حين تتوفَّاهم الملائكة، يخرجونَ من الدُّنيا كذلك، وإذا قاموا من قبورهم إلي الموقف قاموا كذلك، ثمَّ إنهم يسمعون ويبصرون فيما بعد. وهذا مرويٌّ عن الحسن.
وقال آخرون: هذا إنما يكونُ إذا دخلوا النارَ واستقرُّوا فيها، سُلِبوا الأسماعَ والأبصارَ والنطق، حين يقولُ لهم الربُّ تبارك وتعالي: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: 108]؛ فحينئذٍ ينقطعُ الرجاء، وتَبْكَمُ (?) عقولهُم، فيصيرونَ بأجمعهم عُميًا بكمًا صُمًّا؛ لا يبصرون ولا يسمعون ولا ينطقون، ولا يُسْمَعُ منهم بعدها إلا الزفيرُ والشهيق. وهذا منقولٌ عن مقاتل (?).
والذين قالوا: المرادُ به العمى عن الحجة، إنما مرادهم أنهم لا حجة