الوليد بن مسلم، عن سعيد، عن قتادة، عن أبي حسَّان: أنَّ رجلين دخلا على عائشة وقالا: إنَّ أبا هريرة يحدِّثُ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما الطِّيَرة في المرأة والدار والدَّابة"، فطارت شِقَّةٌ (?) منها في السماء، وشِقَّةٌ في الأرض، ثمَّ قالت: كذَب- والذي أنزل الفرقان على أبي القاسم- من حدَّث عنه بهذا، ولكنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: "كان أهلُ الجاهلية يقولون: إنَّ الطِّيَرة في المرأة والدَّابة"، ثمَّ قرأت عائشة: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد: 22].
قال أبو عمر: وكانت عائشةُ تنفي الطِّيَرة، ولا تعتقدُ شيئًا منها، حتى قالت لنسوةٍ كنَّ يكرهن البناءَ بأزواجهنَّ في شوَّال: ما تزوَّجني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلا في شوَّال، وما دخل بي إلا في شوَّال، فمن كان أحظى منِّي عنده؟ ! وكانت تستحبُّ أن يدخلنَ على أزواجهنَّ في شوَّال (?).
قال أبو عمر: وقولها في أبي هريرة: "كَذَبَ" فإنَّ العرب تقول: كذبتَ، بمعنى غلطتَ فيما قدَّرتَ، وأوهَمْتَ فيما قلتَ، ولم تظُنَّ حقًّا (?)، ونحو هذا، وذلك معروفٌ من كلامهم (?)، موجودٌ في أشعارهم كثيرًا، قال