وهذه الحكايةُ لو صحَّت لوجبَ أن تُثنى الخناصرُ على هذا العلم، وتُشَدَّ به الأيدي، لا أن تُحْرَق كتبُه، وتُهَان غايةَ الإهانة، وتُجْعَل طُعْمَةً للنار، وهذا لا يُفْعَلُ إلا بكتب المُحال والباطل (?).

ثمَّ إنه ليس في طالع الولادة (?) ما يقتضي هذا كلَّه، كما سنذكُره عن قريبٍ إن شاء الله تعالى.

والطالعُ عند المنجِّمين طالعان:

طالعُ مسقَط النطفة؛ وهو الطالعُ الأصلي، وهذا لا سبيل إلى العلم به إلا في أندر النَّادر الذي لا يقتضيه الوجود.

الثاني: طالعُ الولادة، وهم معترفون أنه لا يدلُّ على أحوال الولد وجزئيَّات أمره؛ لأنه انتقالُ الولد من مكانٍ إلى مكان، وإنما أخذوه بدلًا من طالع الأصل لمَّا تعذَّر عليهم اعتبارُه.

وهذه الحكايةُ ليس فيها أخذُ واحدٍ من الطالعَيْن؛ لأنَّ فيها الحكمَ على المولود قبل خروجه من غير اعتبار طالعه الأصلي، والمنجِّمُ يقطعُ بأنَّ الحكمَ على هذا الولد لا سبيل إليه، وليس في صناعة النجوم ما يوجبُ الحكمَ عليه والحالة هذه، وهذا يدلُّ على أنَّ هذه الحكايةَ كذبٌ مختلقٌ على الشافعي على هذا الوجه.

وكذلك الحكاية الثالثة، وهي ما رواه الحاكمُ أيضًا: أنبأني عبد الرحمن بن الحسن القاضي: أنَّ زكريا بن يحيى السَّاجي حدثهم:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015