وكان يقول: لا تسكُن ببلدةٍ ليس فيها عالمٌ ينبئك عن دينك، ولا طبيبٌ ينبئك عن أمر بدنك (?).
وكان يقول: لم أر شيئًا أنفع للوباء من البَنَفْسَج يُدَّهَنُ به ويُشْرَب (?).
إلى أمثال هذه الكلمات التي حُفِظَت عنه، فأمَّا أنه كان يعلمُ طبَّ اليونان والروم والهند والفُرس بلغاتها؛ فهذا بَهْتٌ وكذبٌ عليه قد أعاذه اللهُ من دعواه.
وبالجملة، فمن له علمٌ بالمنقولات لا يستريبُ في كذب هذه الحكاية عليه، ولولا طولها لسُقناها ليتبيَّن أثرُ الصَّنعة والوضع عليها.
أمَّا الحكايةُ الثانية، فقال الحاكم: أخبرنا أبو الوليد الفقيه، قال: وحُدِّثتُ عن الحسن بن سفيان، عن حرملة، قال: كان الشافعيُّ يُدِيمُ النظرَ في كتب النجوم، وكان له صديقٌ وعنده جاريةٌ قد حَبلت، فقال: إنها تلدُ إلى سبعةٍ وعشرين يومًا، ويكونُ في فخذ الولد الأَيسر خالٌ أسود ويعيشُ أربعة وعشرين يومًا، ثمَّ يموت، فجاءت به على النَّعت الذي وَصَف، وانقضت مدَّتُه فمات، فأحرَق الشافعىُّ بعد ذلك تلك الكتب، وما عاودَ النظرَ في شيءٍ منها (?).
وهذا الإسنادُ رجاله ثقات، لكنَّ الشأنَ فيمن حدَّثَ أبا الوليد بهذه الحكاية عن الحسن بن سفيان، أو فيمن حدَّثَ بها الحسن عن حرملة.